ذلك حديث عكراش بن ذؤيب الذي رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي رحمهالله في مسنده ، حدثنا العباس بن الوليد النرسي ، حدثنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية ، حدثنا عبيد الله بن عكراش عن أبيه عكراش بن ذؤيب قال : بعثني بنو مرة في صدقات أموالهم إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فقدمت المدينة فإذا هو جالس بين المهاجرين والأنصار وقدمت عليه بإبل كأنها عروق الأرطى (١) قال : «من الرجل؟» قلت : عكراش بن ذؤيب ، قال «ارفع في النسب» فانتسبت له إلى مرة بن عبيد وهذه صدقة مرة بن عبيد ، فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : «هذه إبل قومي هذه صدقات قومي» ثم أمر بها أن توسم بميسم إبل الصدقة وتضم إليها ، ثم أخذ بيدي فانطلقنا إلى منزل أم سلمة فقال : «هل من طعام؟» فأتينا بجفنة كالقصعة كثيرة الثريد والوذر(٢) ، فجعل يأكل منها فأقبلت أخبط بيدي في جوانبها فقبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيده اليسرى على يدي اليمنى فقال : يا عكراش ، كل من موضع واحد فإنه طعام واحد. ثم أتينا بطبق فيه تمر أو رطب شك عبيد الله رطبا كان أو تمرا ، فجعلت آكل من بين يدي وجالت يد رسول اللهصلىاللهعليهوسلم في الطبق وقال : يا عكراش ، كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد. ثم أتينا بماء فغسل رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يده ومسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه ثلاثا ثم قال : «يا عكراش هذا الوضوء مما غيرت النار» (٣).
وهكذا رواه الترمذي مطولا وابن ماجة جميعا عن محمد بن بشار عن أبي الهذيل العلاء بن الفضل به ، وقال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديثه.
وقال الإمام أحمد (٤) : حدثنا بهز بن أسد وعفان ، وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا شيبان ، قالوا حدثنا سليمان بن المغيرة ، حدثنا ثابت قال : قال أنس كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم تعجبه الرؤيا ، فربما رأى الرجل الرؤيا فسأل عنه إذا لم يكن يعرفه ، فإذا أثنى عليه معروف كان أعجب لرؤياه إليه ، فأتته امرأة فقالت : يا رسول الله رأيت كأني أتيت فأخرجت من المدينة فأدخلت الجنة ، فسمعت وجبة انتحبت لها الجنة ، فنظرت فإذا فلان بن فلان وفلان بن فلان فسمت اثني عشر رجلا ، كان النبي صلىاللهعليهوسلم قد بعث سرية قبل ذلك فجيء بهم عليهم ثياب طلس (٥) تشخب أوداجهم ، فقيل اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ أو البيذخ ، قال فغمسوا فيه فخرجوا ووجوههم كالقمر ليلة البدر ، فأتوا بصحفة من ذهب فيها بسر ، فأكلوا من بسره ما شاؤوا فما يقلبونها من وجه إلا أكلوا من الفاكهة ما أرادوا ، وأكلت معهم فأتى البشير من تلك السرية ، فقال ما كان
__________________
(١) الأرطى : شجر عروقه حمر طوال.
(٢) الوذر : قطع من اللحم لا عظم فيها ، واحدتها : وذرة.
(٣) أخرجه الترمذي في الأطعمة باب ٤١ ، وابن ماجة في الأطعمة باب ١١.
(٤) المسند ٣ / ١٣٥.
(٥) ثياب طلس : ثياب مغبرة.