من أحد ، وكان عبد الله بن أبي ابن سلول كما حدثني ابن شهاب الزهري له مقام يقومه كل جمعة ، لا ينكر شوفا له من نفسه ومن قومه ، وكان فيهم شريفا ، إذا جلس النبي صلىاللهعليهوسلم يوم الجمعة وهو يخطب الناس قام فقال : أيها الناس ، هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين أظهركم ، أكرمكم الله به وأعزكم به فانصروه وعزروه واسمعوا له وأطيعوا ، ثم يجلس حتى إذا صنع يوم أحد ما صنع ، يعني مرجعه بثلث الجيش ورجع الناس ، قام يفعل ذلك كما كان يفعله ، فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه وقالوا : اجلس ، أي عدو الله لست لذلك بأهل وقد صنعت ما صنعت ، فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول : والله لكأنما قلت بجرا إن قمت أشدد أمره ، فلقيه رجال من الأنصار بباب المسجد فقالوا : ويلك ما لك؟ قال : قمت أشدد أمره فوثب علي رجال من أصحابه يجذبونني ويعنفونني ، لكأنما قلت بجرا إن قمت أشدد أمره. قالوا : ويلك ارجع يستغفر لك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : والله ما أبتغي أن يستغفر لي.
وقال قتادة والسدي : أنزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي ، وذلك أن غلاما من قرابته انطلق إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فحدثه بحديث عنه وأمر شديد ، فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإذا هو يحلف بالله ويتبرأ من ذلك ، وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام فلاموه وعذموه ، وأنزل الله فيه ما تسمعون ، وقيل لعدو الله : لو أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجعل يلوي رأسه ، أي لست فاعلا.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا نزل منزلا لم يرتحل حتى يصلي فيه ، فلما كانت غزوة تبوك بلغه أن عبد الله بن أبي ابن سلول قال : (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) ، فارتحل قبل أن ينزل آخر النهار ، وقيل لعبد الله بن أبي : ائت النبي صلىاللهعليهوسلم حتى يستغفر لك ، فأنزل الله تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) ـ إلى قوله ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن جبير. وقوله : إن ذلك كان في غزوة تبوك فيه نظر بل ليس بجيد ، فإن عبد الله بن أبي ابن سلول لم يكن ممن خرج في غزوة تبوك ، بل رجع بطائفة من الجيش ، وإنما المشهور عند أصحاب المغازي والسير أن ذلك في غزوة المريسيع ، وهي غزوة بني المصطلق.
وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق : حدثني محمد بن يحيى بن حبان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة في قصة بني المصطلق ، فبينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم مقيم هناك اقتتل على الماء جهجاه بن سعيد الغفاري ، وكان أجيرا لعمر بن الخطاب وسنان بن وبر قال ابن إسحاق : فحدثني محمد بن يحيى بن حبان قال : ازدحما على الماء فاقتتلا ، فقال سنان : يا معشر الأنصار ، وقال الجهجاه : يا معشر المهاجرين ، وزيد بن أرقم ونفر من الأنصار عند عبد الله بن أبي ، فلما سمعها قال : قد ثاورونا في بلادنا ، والله ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل : سمّن كلبك يأكلك ، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، ثم أقبل