موسى بن عقبة في مغازيه أيضا هذه القصة بهذا السياق ، ولكن جعلا الذي بلغ رسول اللهصلىاللهعليهوسلم كلام عبد الله بن أبي ابن سلول إنما هو أوس بن أرقم من بني الحارث بن الخزرج ، فلعله مبلغ آخر أو تصحيف من جهة السمع والله أعلم.
وقد قال ابن أبي حاتم رحمهالله : حدثنا محمد بن عزيز الأيلي ، حدثني سلامة ، حدثني عقيل ، أخبرني محمد بن مسلم أن عروة بن الزبير وعمرو بن ثابت الأنصاري أخبراه أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم غزا غزوة المريسيع ، وهي التي هدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيها مناة الطاغية التي كانت بين قفا المشلل وبين البحر ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم خالد بن الوليد فكسر مناة ، فاقتتل رجلان في غزوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم تلك أحدهما من المهاجرين والآخر من بهز ، وهم حلفاء الأنصار ، فاستعلى الرجل الذي من المهاجرين على البهزي فقال البهزي : يا معشر الأنصار ، فنصره رجال من الأنصار ، وقال المهاجري : يا معشر المهاجرين ، فنصره رجال من المهاجرين حتى كان بين أولئك الرجال من المهاجرين والرجال من الأنصار شيء من القتال ، ثم حجز بينهم فانكفأ كل منافق أو رجل في قلبه مرض إلى عبد الله بن أبي ابن سلول فقال : قد كنت ترجى وتدفع فأصبحت لا تضر ولا تنفع ، قد تناصرت علينا الجلابيب وكانوا يدعون كل حديث هجرة الجلابيب ، فقال عبد الله بن أبي عدو الله : والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
قال مالك بن الدخشم وكان من المنافقين : ألم أقل لكم لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ، فسمع بذلك عمر بن الخطاب فأقبل يمشي حتى أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ائذن لي في هذا الرجل الذي قد أفتن الناس أضرب عنقه ، يريد عمر عبد الله بن أبي ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعمر : «أو قاتله أنت إن أمرتك بقتله؟» قال عمر : نعم والله لئن أمرتني بقتله لأضربن عنقه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اجلس» فأقبل أسيد بن حضير وهو أحد الأنصار ثم أحد بني عبد الأشهل حتى أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ائذن لي في هذا الرجل الذي قد أفتن الناس أضرب عنقه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أو قاتله أنت إن أمرتك بقتله؟» قال : نعم والله لئن أمرتني بقتله لأضربن بالسيف تحت قرط أذنيه ، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «اجلس» ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «آذنوا بالرحيل» فهجر بالناس فسار يومه وليلته والغد حتى متع النهار ، ثم نزل ثم هجر بالناس مثلها حتى صبح بالمدينة في ثلاث سارها من قفا المشلل.
فلما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة أرسل إلى عمر فدعاه فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أي عمر أكنت قاتله لو أمرتك بقتله؟» قال عمر : نعم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «والله لو قتلته يومئذ لأرغمت أنوف رجال لو أمرتهم اليوم بقتله امتثلوه ، فيتحدث الناس أني قد وقعت على أصحابي فأقتلهم صبرا» وأنزل الله عزوجل (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ