وكل بحسب تفريطه ، أما الكفار فكما قال تعالى : (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) [إبراهيم : ٤٤] وقال تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون : ٩٩ ـ ١٠٠].
ثم قال تعالى : (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) أي لا ينظر أحدا بعد حلول أجله. وهو أعلم وأخبر بمن يكون صادقا في قوله وسؤاله ممن لو رد لعاد إلى شر مما كان عليه ولهذا قال تعالى : (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)
وقال أبو عيسى الترمذي (١) : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا جعفر بن عون ، حدثنا أبو جناب الكلبي عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال : من كان له مال يبلغه حج بيت ربه أو تجب عليه فيه زكاة فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت ، فقال رجل : يا ابن عباس اتق الله فإنما يسأل الرجعة الكفار ، فقال : سأتلو عليك بذلك قرآنا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) ـ إلى قوله تعالى ـ (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) قال : فما يوجب الزكاة؟ قال : إذا بلغ المال مائتين فصاعدا ، قال : فما يوجب الحج؟ قال : الزاد والبعير.
ثم قال : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا عبد الرزاق عن الثوري عن يحيى بن أبي حية وهو أبو جناب الكلبي عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم بنحوه ثم قال : وقد رواه سفيان بن عيينة وغيره عن أبي جناب عن الضحاك عن ابن عباس من قوله وهو أصح ، وضعف أبا جناب الكلبي.
قلت : ورواية الضحاك عن ابن عباس فيها انقطاع والله أعلم. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن نفيل ، حدثنا سليمان بن عطاء عن مسلمة الجهني عن عمه يعني أبا مشجعة بن ربعي ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ذكرنا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم الزيادة في العمر فقال «إن الله لا يؤخر نفسا إذا جاء أجلها ، وإنما الزيادة في العمر أن يرزق الله العبد ذرية صالحة يدعون له فيلحقه دعاؤهم في قبره». آخر تفسير سورة المنافقين. ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة.
__________________
(١) كتاب التفسير ، تفسير سورة ٦٣ ، باب ١.