قال الإمام أحمد (١) : حدثنا يزيد أنبأنا كهمس بن الحسن ، حدثنا أبو السليل عن أبي ذر قال : جعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتلو علي هذه الآية (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) حتى فرغ من الآية ثم قال : «يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بها كفتهم» وقال فجعل يتلوها ويرددها علي حتى نعست ، ثم قال : «يا أبا ذر كيف تصنع إذا خرجت من المدينة؟» قلت إلى السعة والدعة أنطلق فأكون حمامة من حمام مكة قال : «كيف تصنع إذا أخرجت من مكة؟» قلت : إلى السعة والدعة إلى الشام والأرض المقدسة ، قال «وكيف تصنع إذا أخرجت من الشام؟» قلت : إذا والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي ، قال : «أو خير من ذلك» قلت : أو خير من ذلك؟ قال : «تسمع وتطيع وإن كان عبدا حبشيا».
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا زكريا عن عامر عن شتير بن شكل قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول : إن أجمع آية في القرآن (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) [النحل : ٩٠] وإن أكبر آية في القرآن فرجا : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً).
وفي المسند (٢) : حدثني مهدي بن جعفر ، حدثنا الوليد بن مسلم عن الحكم بن مصعب عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب». وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) يقول : ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (٣) وقال الربيع بن خيثم (يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) أي من كل شيء ضاق على الناس (٤) ، وقال عكرمة من طلق كما أمره الله يجعل له مخرجا ، وكذا روي عن ابن عباس والضحاك ، وقال ابن مسعود ومسروق (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) يعلم أن الله إن شاء أعطى وإن شاء منع (مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) أي من حيث لا يدري. وقال قتادة : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) أي من شبهات الأمور والكرب عند الموت (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) ومن حيث لا يرجو ولا يأمل.
وقال السدي : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) يطلق للسنة ، ويراجع للسنة ، وزعم أن رجلا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقال له عوف بن مالك الأشجعي كان له ابن ، وأن المشركين أسروه فكان فيهم ، وكان أبوه يأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيشكو إليه مكان ابنه وحاله التي هو بها وحاجته ، فكان
__________________
(١) المسند ٥ / ١٧٨ ، ١٧٩.
(٢) المسند ١ / ٢٤٨.
(٣) تفسير الطبري ١٢ / ١٣٠.
(٤) تفسير الطبري ١٢ / ١٣٠.