اقرءوا إن شئتم (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) فبلغ ذلك كعبا فقال : صدق والذي أنزل التوراة على موسى والفرقان على محمد ، لو أن رجلا ركب حقة أو جذعة ثم دار بأعلى تلك الشجرة ما بلغها حتى يسقط هرما ، إن الله غرسها بيده ونفخ فيها من روحه ، وإن أفنانها لمن وراء ستار الجنة وما في الجنة نهر إلا وهو يخرج من أصل تلك الشجرة.
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا محمد بن منهال الضرير : حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قول الله تعالى : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) قال : «في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها» وكذا رواه البخاري (١) عن روح بن عبد المؤمن عن يزيد بن زريع ، وهكذا رواه أبو داود الطيالسي عن عمران بن داود القطان عن قتادة به ، وكذا رواه معمر وأبو هلال عن قتادة به ، وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد وسهل بن سعد عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمّر (٢) السريع مائة عام ما يقطعها» (٣) فهذا حديث ثابت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بل متواتر مقطوع بصحته عند أئمة الحديث النقاد ، لتعدد طرقه وقوة أسانيده وثقة رجاله.
وقد قال الإمام أبو جعفر بن جرير (٤) : حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر ، حدثنا أبو حصين قال : كنا على باب في موضع ومعنا أبو صالح وشقيق يعني الضبي ، فحدث أبو صالح قال: حدثني أبو هريرة قال : إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما ، قال أبو صالح: أتكذب أبا هريرة؟ قال : ما أكذب أبا هريرة ولكني أكذبك أنت ، فشق ذلك على القراء يومئذ. قلت : فقد أبطل من يكذب بهذا الحديث مع ثبوته وصحته ورفعه إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وقال الترمذي : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا زياد بن الحسن بن الفرات القزاز عن أبيه عن جده عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما في الجنة شجرة إلا ساقها من ذهب» (٥) ثم قال : حسن غريب.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، حدثنا أبو عامر العقدي عن زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس قال : الظل الممدود شجرة في الجنة على ساق ظلها قدر ما يسير الراكب في كل نواحيها ، مائة عام ، قال : فيخرج إليها أهل الجنة أهل
__________________
(١) كتاب بدء الخلق باب ٨.
(٢) الجواد المضمّر : هو الذي يعلف حتى يسمن ، ثم يرد ليخف ، وقيل : هو الذي يشد عليه السرج حتى يعرق تحته فيذهب رهله ويشتد لحمه.
(٣) أخرجه البخاري في الرقاق باب ٥١ ، ومسلم في الجنة حديث ٨.
(٤) تفسير الطبري ١١ / ٦٣٩.
(٥) أخرجه الترمذي في الجنة باب ١.