الغرف وغيرهم فيتحدثون في ظلها ، قال : فيشتهي بعضهم ويذكر لهو الدنيا فيرسل الله ريحا من الجنة ، فتحرك تلك الشجرة بكل لهو في الدنيا. هذا أثر غريب إسناده جيد قوي حسن.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن يمان حدثنا سفيان ، حدثنا أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون في قوله تعالى : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) قال سبعون ألف سنة ، وكذا رواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي عن سفيان مثله ، ثم قال ابن جرير (١) : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران عن سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) قال : خمسمائة ألف سنة.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا حصين بن نافع عن الحسن في قول الله تعالى : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) قال : في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها ، وقال عوف عن الحسن : بلغني أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها» رواه ابن جرير وقال شبيب عن عكرمة عن ابن عباس : في الجنة شجر لا يحمل يستظل به ، رواه ابن أبي حاتم ، وقال الضحاك والسدي وأبو حزرة في قوله تعالى : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) لا ينقطع ، ليس فيها شمس ولا حر مثل قبل طلوع الفجر ، وقال ابن مسعود : الجنة سجسج (٢) كما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وقد تقدمت الآيات كقوله تعالى : (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) [النساء : ٥٧] وقوله : (أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها) [الرعد : ٣٥] وقوله : (فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ) [المرسلات : ٤١] إلى غير ذلك من الآيات وقوله تعالى : (وَماءٍ مَسْكُوبٍ) قال الثوري : يجري في غير أخدود ، وقد تقدم الكلام عند تفسير قوله تعالى : (فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ) [محمد : ١٥] الآية. بما أغنى عن إعادته هاهنا.
وقوله تعالى : (وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) أي وعندهم من الفواكه الكثيرة المتنوعة في الألوان مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، كما قال تعالى : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) [البقرة : ٢٥] أي يشبه الشكل الشكل ولكن الطعم غير الطعم ، وفي الصحيحين في ذكر سدرة المنتهى : «فإذا ورقها كآذان الفيلة ونبقها مثل قلال هجر» (٣). وفيهما أيضا من حديث مالك عن زيد عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال : خسفت الشمس فصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم والناس معه فذكر الصلاة ، وفيه قالوا : يا رسول الله رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ثم رأيناك تكعكعت ، قال : «إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودا ، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا».
__________________
(١) تفسير الطبري ١١ / ٦٣٧.
(٢) الجنة سجسج : أي ظلها معتدل ، لا حر ولا برد.
(٣) أخرجه البخاري في بدء الخلق باب ٦ ، ومسلم في الإيمان حديث ٢٥٩.