التي في النساء القصرى (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ).
وقوله تعالى : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) يقول تعالى : ومن كانت حاملا فعدتها بوضعه ، ولو كان بعد الطلاق أو الموت بفواق ناقة في قول جمهور العلماء من السلف والخلف ، كما هو نص هذه الآية الكريمة وكما وردت به السنة النبوية ، وقد روي عن علي وابن عباس رضي الله عنهم أنهما ذهبا في المتوفى عنها زوجها أنها تعتد بأبعد الأجلين من الوضع والأشهر ، عملا بهذه الآية والتي في سورة البقرة.
قال البخاري : حدثنا سعيد بن حفص ، حدثنا شيبان عن يحيى قال : أخبرني أبو سلمة قال : جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة جالس فقال : أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة ، فقال ابن عباس : آخر الأجلين. قلت أنا (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) قال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي ـ يعني أبا سلمة ـ فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها فقالت : قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى فوضعت بعد موته بأربعين ليلة ، فخطبت فأنكحها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان أبو السنابل فيمن خطبها (١) ، هكذا أورد البخاري هذا الحديث هاهنا مختصرا ، وقد رواه هو ومسلم وأصحاب الكتب مطولا من وجوه أخر.
وقال الإمام أحمد (٢) : حدثنا حماد بن أسامة أنبأنا هشام عن أبيه عن المسور بن مخرمة أن سبيعة الأسلمية توفي عنها زوجها وهي حامل فلم تمكث إلا ليالي حتى وضعت ، فلما تعلّت (٣) من نفاسها خطبت ، فاستأذنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في النكاح فأذن لها أن تنكح ، فنكحت ، ورواه البخاري في صحيحه ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة من طرق عنها ، كما قال مسلم بن الحجاج : حدثني أبو الطاهر أنبأنا ابن وهب ، حدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب ، حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية ، فيسألها عن حديثها وعما قال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين استفتته ، فكتب عمر بن عبد الله يخبره أن سبيعة أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة ، وكان ممن شهد بدرا فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته ، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال لها : مالي أراك : متجملة؟ لعلك ترجين النكاح إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر.
__________________
(١) أخرجه البخاري في المغازي باب ١٠ ، وتفسير سورة ٦٥ ، باب ٢ ، ومسلم في الطلاق باب ٥٦ ، وأبو داود في الطلاق باب ٤٧ ، والترمذي في الطلاق باب ١٧ ، والنسائي في الطلاق باب ٥٦ ، وابن ماجة في الطلاق باب ٧ ، والدارمي في الطلاق باب ١١.
(٢) المسند ٤ / ٣٢٧.
(٣) تعلّت : أي طهرت.