ألا كل شيء ما خلا الله بائد |
|
كما باد حي من شنيف ومارد (١) |
هم ضربوا في كل صمّاء صعدة |
|
بأيد شداد أيّدات السواعد |
وقال ابن إسحاق : كانوا عربا وكان منزلهم بوادي القرى ، وقد ذكرنا قصة عاد مستقصاة في سورة الأعراف بما أغنى عن إعادته.
وقوله تعالى : (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) قال العوفي عن ابن عباس : الأوتاد الجنود الذين يشدون له أمره ، ويقال كان فرعون يوتد أيديهم وأرجلهم في أوتاد من حديد يعلقهم بها (٢) ، وكذا قال مجاهد : كان يوتد الناس بالأوتاد ، وهكذا قال سعيد بن جبير والحسن والسدي. قال السدي : كان يربط الرجل في كل قائمة من قوائمة في وتد ثم يرسل عليه صخرة عظيمة فتشدخه ، وقال قتادة : بلغنا أنه كان له مطال وملاعب يلعب له تحتها من أوتاد وحبال ، وقال ثابت البناني عن أبي رافع : قيل لفرعون ذي الأوتاد لأنه ضرب لامرأته أربعة أوتاد ، ثم جعل على ظهرها رحى عظيمة حتى ماتت.
وقوله تعالى : (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ) أي تمردوا وعتوا وعاثوا في الأرض بالإفساد والأذية للناس (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) أي أنزل عليهم رجزا من السماء وأحل بهم عقوبة ، لا يردها عن القوم المجرمين.
وقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) قال ابن عباس : يسمع ويرى يعني يرصد خلقه فيما يعملون ويجازي كلا بسعيه في الدنيا والآخرة ، وسيعرض الخلائق كلهم عليه فيحكم فيهم بعدله ويقال كلا بما يستحقه ، وهو المنزه عن الظلم الجور. وقد ذكر ابن أبي حاتم هاهنا حديثا غريبا جدا وفي إسناده نظر وفي صحته ، فقال : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، حدثنا يونس الحذاء ، عن أبي حمزة البيساني ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا معاذ إن المؤمن لدى الحق أسير ، يا معاذ إن المؤمن لا يسكن روعه ولا يأمن اضطرابه حتى يخلف جسر جهنم خلف ظهره ، يا معاذ إن المؤمن قيده القرآن عن كثير من شهواته وعن أن يهلك فيها هو بإذن الله عزوجل فالقرآن دليله ، والخوف محجته ، والشوق مطيته ، والصلاة كهفه ، والصوم جنته ، والصدقة فكاكه ، والصدق أميره ، والحياء وزيره ، وربه عزوجل من وراء ذلك كله بالمرصاد».
قال ابن أبي حاتم : يونس الحذاء وأبو حمزة مجهولان وأبو حمزة عن معاذ مرسل. ولو كان عن أبي حمزة لكان حسنا أي لو كان من كلامه لكان حسنا ، ثم قال ابن أبي حاتم : حدثنا
__________________
(١) البيتان بلا نسبة في تفسير الطبري ١٢ / ٥٧١ ، وفي التفسير «من شنيق» بدل «من شنيف» ، و «كل صلاء» بدل «كل صمّاء».
(٢) انظر تفسير الطبري ١٢ / ٥٧٠.