مخصرة (١) فنكس ، فجعل ينكت بمخصرته ثم قال : «ما منكم من أحد ـ أو ما من نفس منفوسة (٢) ـ إلا كتب مكانها من الجنة والنار وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة» فقال رجل : يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى أهل السعادة ، ومن كان منا من أهل الشقاء فسيصير إلى أهل الشقاء؟ فقال : «أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاء فيسيرون إلى عمل أهل الشقاء ، ثم قرأ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (٣) وقد أخرجه بقية الجماعة من طرق عن سعيد بن عبيدة به.
[رواية عبد الله بن عمر] قال الإمام أحمد (٤) : حدثنا عبد الرّحمن ، حدثنا شعبة عن عاصم بن عبيد الله قال سمعت سالم بن عبد الله يحدث عن ابن عمر قال : قال عمر : يا رسول الله أرأيت ما نعمل فيه أفي أمر قد فرغ أو مبتدأ أو مبتدع؟ قال : «فيما قد فرغ منه ، فاعمل يا ابن الخطاب ، فإن كلا ميسر ، أما من كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة وأما من كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء (٥) ، ورواه الترمذي في القدر عن بندار عن ابن مهدي به ، وقال : حسن صحيح.
[حديث آخر من رواية جابر] قال ابن جرير (٦) : حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه قال : يا رسول الله أنعمل لأمر قد فرغ منه أو لأمر نستأنفه؟ فقال : «لأمر قد فرغ منه» فقال سراقة : ففيم العمل إذا؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كل عامل ميسر لعمله» ورواه مسلم (٧) عن أبي الطاهر عن ابن وهب به.
[حديث آخر] قال ابن جرير (٨) : حدثني يونس ، حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طلق بن حبيب عن بشير بن كعب العدوي قال : سأل غلامان شابان النبي صلىاللهعليهوسلم فقالا : يا رسول الله أنعمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير أو في شيء يستأنف؟ فقال : «بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير» قالا : ففيم العمل إذا؟ قال : «اعملوا فكل عامل ميسر
__________________
(١) المخصرة : ما أخذه الإنسان بيده من عصا ، أو عكازة ، أو قضيب.
(٢) نفس منفوسة : أي نفس مولودة.
(٣) أخرجه البخاري في الجنائز باب ٨٣ ، ومسلم في القدر حديث ٦ ، ٧ ، وأبو داود في السنة باب ١٦ ، والترمذي في تفسير سورة ٩٢.
(٤) المسند ٢ / ٥٢.
(٥) أخرجه الترمذي في القدر باب ٣.
(٦) تفسير الطبري ١٢ / ٦١٧.
(٧) كتاب القدر حديث ٨.
(٨) تفسير الطبري ١٢ / ٦١٧.