بالخلف. وقال أبو عبد الرّحمن السلمي والضحاك (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) أي بلا إله إلا الله وفي رواية عن عكرمة (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) أي بما أنعم الله عليه ، وفي رواية عن زيد بن أسلم (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) قال : الصلاة والزكاة والصوم وقال مرة وصدقة الفطر. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا زهير بن محمد ، حدثني من سمع أبا العالية الرياحي يحدث عن أبي بن كعب قال : سألت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم عن الحسنى قال : «الحسنى : الجنة».
وقوله تعالى : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) قال ابن عباس : يعني للخير ، وقال زيد بن أسلم : يعني للجنة ، وقال بعض السلف : من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ، ومن جزاء السيئة السيئة بعدها ، ولهذا قال تعالى : (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ) أي بما عنده (وَاسْتَغْنى) قال عكرمة عن ابن عباس : أي بخل بماله واستغنى عن ربه عزوجل. رواه ابن أبي حاتم (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) أي بالجزاء في الدار الآخرة (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) أي لطريق الشر كما قال تعالى : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الأنعام : ١١٠] والآيات في هذا المعنى كثيرة دالة على أن الله عزوجل يجازي من قصد الخير بالتوفيق له ، ومن قصد الشر بالخذلان ، وكل ذلك بقدر مقدر والأحاديث الدالة على هذا المعنى كثيرة.
[رواية أبي بكر الصديق رضي الله عنه] قال الإمام أحمد (١) : حدثنا علي بن عياش ، حدثني العطاف بن خالد ، حدثني رجل من أهل البصرة عن طلحة بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي بكر الصديق عن أبيه قال : سمعت أبي يذكر أن أباه سمع أبا بكر وهو يقول : قلت لرسول اللهصلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله أنعمل على ما فرغ منه أو على أمر مؤتنف؟ قال «بل على أمر قد فرغ منه» قال : ففيم العمل يا رسول الله؟ قال : «كل ميسر لما خلق له».
[رواية علي رضي الله عنه] قال البخاري (٢) : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرّحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بقيع الغرقد في جنازة فقال : «ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار» فقالوا : يا رسول الله أفلا نتكل؟ فقال : «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» قال : ثم قرأ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) إلى قوله (لِلْعُسْرى).
وكذا رواه من طريق شعبة ووكيع عن الأعمش بنحوه. ثم رواه عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن منصور عن سعيد بن عبيدة عن أبي عبد الرّحمن عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقعد وقعدنا حوله ومعه
__________________
(١) المسند ١ / ٥ ، ٦.
(٢) كتاب التفسير ، تفسير سورة ٩٢ ، باب ٦.