سعيت في معاونته على الإثم والعدوان.
قال الإمام أحمد (١) : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، سمعت قتادة يحدث عن مطرف يعني ابن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال : انتهيت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول : «ألهاكم التكاثر ، يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت؟» ورواه مسلم من حديث شعبة به وزاد : «وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس» (٢).
وقوله تعالى : (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) ترغيب في الإيمان والإنفاق في الطاعة ثم قال تعالى : (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ) أي وأي شيء يمنعكم من الإيمان والرسول بين أظهركم يدعوكم إلى ذلك ويبين لكم الحجج والبراهين على صحة ما جاءكم به ، وقد روينا في الحديث من طرق في أوائل شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال يوما لأصحابه : «أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا؟ قالوا : الملائكة. قال : وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم؟ قالوا : فالأنبياء. قال : وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟ قالوا : فنحن. قال : وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ ولكن أعجب المؤمنين إيمانا قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها» وقد ذكرنا طرفا من هذه الرواية في أول سورة البقرة عند قوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) [البقرة : ٣].
وقوله تعالى : (وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ) كما قال تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا) [المائدة : ٧] ويعني بذلك بيعة الرسولصلىاللهعليهوسلم ، وزعم ابن جرير (٣) أن المراد بذلك الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم وهو مذهب مجاهد فالله أعلم.
وقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ) أي حججا واضحات ودلائل باهرات وبراهين قاطعات (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) أي من ظلمات الجهل والكفر والآراء المتضادة إلى نور الهدى واليقين والإيمان (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) أي في إنزاله الكتب وإرساله الرسل لهداية الناس وإزاحة العلل وإزالة الشبه ، ولما أمرهم أولا بالإيمان والإنفاق ثم حثهم على الإيمان وبين أنه قد أزال عنهم موانعه حثهم أيضا على الإنفاق فقال : (وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي أنفقوا ولا تخشوا فقرا وإقلالا فإن الذي أنفقتم في سبيله هو مالك السموات والأرض وبيده مقاليدهما وعنده خزائنهما ، هو مالك العرش بما حوى ، وهو القائل (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ : ٣٩].
__________________
(١) المسند ٤ / ٢٤.
(٢) أخرجه مسلم في الزهد حديث ٣ ، ٤.
(٣) تفسير الطبري ١١ / ٦٧٢.