وقال العوفي عن ابن عباس وعطية الجدلي والضحاك وابن زيد : كانت تضع الشوك في طريق رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قال ابن جرير : كانت تعير النبي صلىاللهعليهوسلم بالفقر ، وكانت تحتطب فعيرت بذلك ، كذا حكاه ولن يعزه إلى أحد ، والصحيح الأول والله أعلم. قال سعيد بن المسيب : كانت لها قلادة فاخرة فقالت لأنفقنها في عداوة محمد يعني فأعقبها الله بها حبلا في جيدها من مسد النار. وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن سليم مولى الشعبي عن الشعبي قال : المسد الليف ، وقال عروة بن الزبير : المسد سلسلة ذرعها سبعون ذراعا ، وعن الثوري : هي قلادة من نار طولها سبعون ذراعا ، وقال الجوهري : المسد الليف ، والمسد أيضا حبل من ليف أو خوص وقد يكون من جلود الإبل أو أوبارها ، ومسدت الحبل أمسده مسدا إذا أجدت فتله.
وقال مجاهد (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) أي طوق من حديد ، ألا ترى أن العرب يسمون البكرة مسدا؟ وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي وأبو زرعة قالا حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي ، حدثنا سفيان حدثنا الوليد بن كثير عن أبي بدوس عن أسماء بنت أبي بكر قالت : لما نزلت (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ، ولها ولولة وفي يدها فهر وهي تقول : [رجز]
مذمما أبينا |
|
ودينه قلينا |
وأمره عصينا |
ورسول الله صلىاللهعليهوسلم جالس في المسجد ، ومعه أبو بكر ، فلما رآها أبو بكر قال : يا رسول الله لقد أقبلت وأنا أخاف عليك أن تراك. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنها لن تراني» وقرأ قرآنا اعتصم به كما قال تعالى : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) [الإسراء : ٤٥] فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : يا أبا بكر إني أخبرت أن صاحبك هجاني ، فقال : لا ورب هذا البيت ما هجاك ، فولت وهي تقول : قد علمت قريش أني ابنة سيدها قال : وقال الوليد في حديثه أو غيره : فعثرت أم جميل في مرطها وهي تطوف بالبيت فقالت : تعس مذمم ، فقالت أم حكيم بنت عبد المطلب: إني لحصان فما أكلم ، وثقاف فما أعلم ، وكلتانا من بني العم ، وقريش بعد أعلم.
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا إبراهيم بن سعيد وأحمد بن إسحاق قالا : حدثنا أبو أحمد ، حدثنا عبد السّلام بن حرب ، عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) جاءت امرأة أبي لهب ورسول الله صلىاللهعليهوسلم جالس ومعه أبو بكر ، فقال له أبو بكر : لو تنحيت لا تؤذيك بشيء فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنه سيحال بيني وبينها» فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر فقالت : يا أبا بكر هجانا صاحبك ، فقال أبو بكر ، لا ورب هذه البنية ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به ، فقالت : إنك لمصدق ، فلما ولّت قال أبو بكر: ما رأتك؟ قال : «لا ، ما زال ملك يسترني حتى ولت».