وَلا رِكابٍ) يعني الإبل (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي هو قدير لا يغالب ولا يمانع بل هو القاهر لكل شيء.
ثم قال تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) أي جميع البلدان التي تفتح هكذا فحكمها حكم أموال بني النضير ولهذا قال تعالى : (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) إلى آخرها والتي بعدها فهذه مصارف أموال الفيء ووجوهه.
قال الإمام أحمد (١) : حدثنا سفيان عن عمرو ومعمر عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر رضي الله عنه قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لو يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم خالصة ، فكان ينفق على أهله منها نفقة سنته ، وقال مرة قوت سنته وما بقي جعله في الكراع والسلاح في سبيل الله عزوجل (٢) ، هكذا أخرجه أحمد هاهنا مختصرا ، وقد أخرجه الجماعة في كتبهم إلا ابن ماجة من حديث سفيان عن عمرو بن دينار عن الزهري به ، وقد رويناه مطولا.
وقال أبو داود رحمهالله : حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن يحيى بن فارس المعنى واحد قالا : حدثنا بشر بن عمر الزهراني حدثني مالك بن أنس عن ابن شهاب عن مالك بن أوس قال : أرسل إليّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تعالى النهار فجئته فوجدته جالسا على سرير مفضيا إلى رماله (٣) فقال حين دخلت عليه : يا مالك إنه قد دفّ (٤) أهل أبيات من قومك وقد أمرت فيهم بشيء فأقسم فيهم ، قلت لو أمرت غيري بذلك فقال خذه ، فجاءه يرفأ (٥) فقال يا أمير المؤمنين هل لك في عثمان بن عفان وعبد الرّحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص؟ قال : نعم.
فأذن لهم فدخلوا ثم جاءه يرفأ فقال : يا أمير المؤمنين هل لك في العباس وعلي؟ قال : نعم ، فأذن لهما فدخلا فقال العباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا يعني عليا ، فقال بعضهم : أجل يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرحهما ، قال مالك بن أوس : خيل إلي أنهما قدما أولئك النفر لذلك ، فقال عمر رضي الله عنه اتئدا ثم أقبل على أولئك الرهط فقال : أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا نورث ما تركنا صدقة» قالوا : نعم. ثم أقبل على علي والعباس فقال : أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض
__________________
(١) المسند ١ / ٢٥ ، ٤٨.
(٢) أخرجه البخاري في الجهاد باب ٨٠ ، ومسلم في الجهاد حديث ٤٨ ، وأبو داود في الإمارة باب ٢١ ، والترمذي في الجهاد باب ٤٠ ، والنسائي في الفيء باب ٨٠.
(٣) رمال السرير : ما ينسج في وجهه بالسعف. والمقصود : موصلا جسده إلى رماله.
(٤) دف : أي جاءوا مسرعين.
(٥) يرفأ : غلام لعمر بن الخطاب.