السبيل ، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ودار الإقامة ، فثبتت رجلاه لطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة ، بما استعمل قلبه وأرضى ربّه».
إلى غير ذلك مما ليس هنا محل ذكره.
واعلم أنّ من أراد الله به خيرا من الطالبين يسّر الله له شيخا من أهل هذا الطريق يتولّى تربيته في طريق الحقّ ، وإلا طالت عليه الطريق وحصل على التعويق ، وتزلزلت قدمه في طريق الإرادة ، ولو أجهد نفسه ما خرج من مواطن العادة ؛ اللهم إلا أن يستعمل ما قرّروه ، ويلزم نفسه ما أسّسوه ، فبتصحيح البدايات تنال الغايات ، وبتأسيس القواعد تعلو السرايات ، (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) فعن الله فاعقل ، وعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاسمع ، (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ).
ومن عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل ، ومن طلب نفيسا خاطر بالنفس ، ومن طلب الحسناء لم يغله المهر ،
اذا شام الفتى برق المعالي |
|
فأهون فائت طيب الرقاد |
و «من كان لله كان الله له». هذه الجادّة فأين السالك ، هذه الرغائب فأين الطالب ، هذا قميص يوسف فأين يعقوب ، هذا طور سيناء فأين موسى ، هذا ذو الفقار فأين أبو الحسن الكرّار ، هذه الإشارات فأين الجنيد والشبلي ، هذه مراتع الزهد فاين ابن أدهم ، أين القوم يا قوم ، ما لي أرى (١) الديار وما بها من القوم ديار
قف بالديار ، فهذه آثارهم |
|
تبكى الأحبّة هجرة وتشوّقا |
وهذا ـ يا أخي ـ شيء لا ينال إلا بفضل الله ورحمته (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) ، ليس كل من همّ سلك ، ولا كل من سلك وصل ، ولا كل من وصل مكن ؛
ولا كل غاد نحو قصد يناله |
|
ولا كل من زار الحمى سمع الندا |
وإنما هي عنايات أزليّة ومواهب ربّانيّة ، جرت في الأبد ما جرى في الأزل ،
__________________
(١) ـ في النسخة : «ما لي لا أرى» والأظهر أن الصحيح ما أثبتناه.