بلغ خبرها إلى الملك كان أستادنا العلامة المحقّق الكاشاني ـ صاحب كتاب الوافي ونحوه من المصنّفات التي بلغ عددها مائتي كتاب ، بل تزيد على ذلك ـ حاضرا في المجلس ، فسأله عن السبب في ذلك ، فقال : «هذا من جور القضاة ، لأنّهم يحكمون بما يوافق آراءهم وما تدعو إليه البراطيل والرشا ، وينسبون الكلام إلى رسول الله والأئمة الطاهرين ـ صلوات الله عليهم أجمعين» فقال : «ينبغي أن نقرّر في كلّ بلد مجتهدا من المجتهدين إذا رجعنا من هذا السفر إلى أصبهان» وكان ذلك الوقت في نواحي خراسان وعزم إذا رجع أن يجعل المولى محمّد باقر الخراساني قاضيا في أصبهان لأنه فقيه عادل ؛ ثمّ قال للفاضل الكاشاني : «إنّ المولى محمد باقر إذا لم يقبل كيف نصنع معه؟». فقال : «نعم ، يجب عليه أن لا يقبل ، ويجب عليك أن تجبره على ذلك حتّى يتعيّن عليه القبول». فعزم السلطان على ذلك ، ثمّ انتقل في ذلك السفر إلى جوار الله سبحانه ولم يتّفق له ما أراده ؛ نعم ، اتّفق لولده السلطان المؤيّد الشاه سليمان ـ نصره الله تعالى إلى آخر الزمان ـ فإنّه عيّن في هذا الوقت شيخنا المحقّق المحدّث صاحب بحار الأنوار ...».
ويعلم من هذا النقل أن الملك الذي تكلم معه الفيض ـ قدسسره ـ كان الشاه عباس الثاني ، وبما أنّه مات سنة (١٠٧٧) في سفره إلى المشهد الرضوي (١) ـ عليه آلاف التحية والثناء ـ فلا بدّ أن الفيض لاقاه في هذا السفر ، ويتبيّن منه أنّ الاتّصال بين الفيض والحكومة لم ينقطع بالمرّة بعد انفصاله عن إقامة الجمعة والجماعات في عاصمة الحكومة الصفويّة أصبهان ورجوعه إلى كاشان (٢).
ونقل صاحب لؤلؤة البحرين (٣) : «حكى السيد نعمة الله الجزائري الشوشتري ـ قال ـ كان لاستاذنا المحقق المولى محمد محسن الكاشاني ـ صاحب الوافي وغيره ـ مما يقارب مائتي كتاب ورسالة ، وكان نشؤه في بلدة قم ، فسمع بقدوم السيد الأجل المحقّق المدقّق ، الإمام الهمام السيد ماجد
__________________
(١) ـ تاريخ مفصّل ايران تأليف عباس إقبال : ٦٩٨.
(٢) ـ صرّح في رسالة شرح الصدر أنه ترك إقامة الجمعة والجماعات في أصبهان ورجع إلى موطنه كاشان ـ لامور ذكرها ـ والرسالة مكتوبة في سنة (١٠٦٦).
(٣) ـ لؤلؤة البحرين : ١٣٠. ولم أعثر على مصدره من كتب السيد الجزائري ـ ره ـ.