البحراني الصادقي إلى شيراز ، فأراد الارتحال إليه لأخذ العلوم منه ، فتردّد والده في الرخصة إليه ، ثمّ بنوا الرخصة وعدمها على الاستخارة ، فلمّا فتح القرآن جاءت الآية (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [٩ / ١٢٢] ـ ولا آية أصرح وأنصّ وأدلّ على هذا المطلب مثلها ـ ثمّ بعد تفأل بالديوان المنسوب إلى أمير المؤمنينعليهالسلام ، فجاءت الأبيات هكذا :
تغرّب عن الأوطان في طلب العلى |
|
وسافر ، ففي الأسفار خمس فوائد |
تفرّج همّ واكتساب معيشة |
|
وعلم وآداب وصحبة ماجد |
فإن قيل : في الأسفار ذلّ ومحنة |
|
وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد |
فموت الفتى خير له من مقامه |
|
بدار هوان بين واش وحاسد |
وهذه أيضا أنسب بالمطلوب ، ولا سيّما قوله : «وصحبة ماجد». فسافر إلى شيراز وأخذ العلوم الشرعيّة عنه ، وقرأ العلوم العقليّة على الحكيم الفيلسوف المولى صدر الدين الشيرازي وتزوّج ابنته ...».
والظنّ الغالب كون هذه الحكاية مخترعة ، والعجب من السيد الجزائري وصاحب اللؤلؤة كيف لم يتنبّها لمواضع النظر فيها : فأولا كان نشوء الفيض في مولده كاشان. وثانيا اتّفقت وفاة والد الفيض في الثانية من عمره ولم يره ـ قدسسره ـ حتى يتمكّن من الاستشارة والاستجازة منه. وثالثا : ـ على ما هو ظاهر من رسالة شرح الصدر ـ لم يكن الفيض في ابتداء السفر عازما إلى شيراز ، بل قصد تحصيل العلم في أصبهان ، ثم عزم فيه على الرحيل إلى شيراز.
وقال صاحب جامع الرواة (١) :
«محسن بن المرتضى الكاشي ، رحمهالله تعالى ، العلامة المحقّق المدقّق جليل القدر عظيم الشأن ، رفيع المنزلة ، فاضل كامل أديب متبحّر في جميع العلوم ، له قريبا من مائة تأليفات ، منها ...».
__________________
(١) ـ جامع الرواة : ٢ / ٤٢.