[على أنّه كتب هذين الكتابين ـ سيّما الأول (١) ـ بمشهد الاستاذ وحينما كان عنده مستفيدا منه.]
وعند الفحص لا نرى فارقا كبيرا بين نظرات الفيض وأقوال صدر المتألهين العماديّة ، فهو يدافع بكل الوضوح عن الحجرين الأساسيّين للفلسفة الصدرائيّة ـ أي أصالة الوجود ووحدته ـ ويبني عليهما بناء المسائل الاخرى في جميع المجالات.
وكتابه عين اليقين ـ على الخصوص ـ اشتمل على قسم كبير من عبارات كتب صدر المتألهين ـ وخصوصا الأسفار الأربعة ـ بنصّها ، مصرحا باسمه ومعظما إيّاه في كثير منها ؛ وقلما يتّفق أن يعترض أو يردّ عليه.
غير أنّ بعض الناظرين في سيرته ، استشمّوا مما كتبه في رسالته «الإنصاف» وألمح إليه في فهرسة كتبه ، أنّه ـ قدّس سره ـ أعرض في أواخر سني عمره الشريف عمّا كان يعتقده في الأوائل ؛ ونحن الآن بصدد تحقيق هذه المزاعم ومدى صحّتها.
فنأتي أولا بشرط مما جاء في رسالة الإنصاف (٢) ثم نتأمل فيما يرتبط به ؛ قال ـ قدس سرّه ـ :
«يقول المهتدي إلى صراط المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، محسن بن مرتضى ـ زاده الله هدى على هدى ـ إنّي لما فرغت في عنفوان الشباب من التفقّه في الدين وتحصيل البصيرة في الاعتقادات بتعليم الأئمة المعصومين عليهمالسلام حتى صرت لم أكن ـ بتوفيق الله سبحانه ـ محتاجا في مسألة إلى تقليد غير المعصوم ، خطر في
__________________
(١) ـ ألّف عين اليقين سنة ١٠٣٦ بقم ، حين كان في محضر صدر المتألهين ، ولا يبعد أن نقول أنّ هذا الكتاب تقريرات دروسه عند الاستاذ ، على أنّا لا ننفي عبقريّة التلميذ وإبداعه الخاص ؛ وتمّ تأليف علم اليقين ١٠٤٢ ، والظنّ الغالب أنه كان مشتغلا بهذا التأليف في شيراز بمحضر صدر المتألهين أيضا.
(٢) ـ الرسالة مكتوبة بالعربية والفارسية ، ولذلك اضطررنا إلى تعريب ما جاء فيها بالفارسية عند النقل لتوحيد السياق ، ولا يخفى أنّ طريقتنا فيما عرّب هنا وفيما سبق نقل المضمون ، دون ترجمة الألفاظ بكاملها.