صاحب السهم على ما عليه صاحب السهمين ، ولا صاحب السهمين على ما عليه صاحب الثلاثة ...».
فرأى الصلاح في السير بسيرة الأنبياء والأئمة المعصومين عليهمالسلام ، وهو التكلم مع الناس على قدر عقولهم ؛ فإنّ في ذلك صلاحهم وبذلك إصلاحهم ؛ وإنّما كانوا عليهمالسلام يلقون المعارف الخاصة إلى خواص الأصحاب ويسمونها «أسرارا» ـ لا إلى العوام والسوقة ـ مع أنّهم عليهمالسلام كانوا أصحاب الوحي والإلهام ومحدّثين ، لا شكّ فيما يعلمونه ، وهم حجج الله على خلقه.
وقد ألمح الفيض إلى ذلك في فهرسة كتبه عند تعريف كتابه هذا حيث قال : «منها الكلمات المكنونة في علوم أهل المعرفة وأقوالهم (نسخة+ : ومعارف دينيّة تقدّست عن أفهام جماهير الناس وأوغالهم) ، يحتوي على لباب معارف العارفين وزبدة أصول (نسخة : اصول اصول. نسخة : اصول اصول اصول.) مع مسائل دينيّة ...».
فالحكم باتّا ـ بأن الفيض (قدسسره) رجع في أخرياته عمّا كان يعتقد في الأوائل ـ غير صحيح بلا ترديد ؛ وإن لم يكن خاليا عن التوجيه.
فإن البحث في مطاوي تأليفاته والنظر في سيرته في حياته يعطينا أنّ الرجل أهل علم وعمل ، وفكر وكشف وشهود ، غير أنّه بعد ما نال من دهره ومعاصريه ما نال ، ووصل إلى مغزى ما أشرنا إليه من كلمات المعصومين في عدم إفشاء الأسرار ، مشى على هذا الطريق واهتدى باهتدائهم وسلك مسلكهم عليهمالسلام.
وقد ألمح إلى ذلك في مواضع كثيرة من كتبه وبيّن أن العلم ليس مقصورا على الظاهر فقط ، وليس طريق الكسب والتعلم هو الطريق الوحيد ، بل هناك طريق آخر أقرب ولكنه عزيز صعب المنال ؛ قال في الوافي (١)
«العلوم الدينية قسمان : قسم يقصد لذاته ـ وهو العلم بالله وملائكه وكتبه ورسله واليوم الآخر ـ وهو إما تحقيقيّ أو تقليديّ ؛ فالتحقيقيّ نور يظهر في
__________________
(١) ـ الوافي : المقدمة الاولى ، ١ / ٩ ـ ١٠.
راجع أيضا الاصول الأصيلة : ١٥٢ ـ ١٥٠. و ١٥٨ ـ ١٧٠.