المعارف الإلهيّة منه لم تتمكن قوة استعداده في كسب المعارف العلميّة والسلوك العمليّ من البروز والتحقّق ، ولكان الفيض مفرطا في أخباريّته ومتحجّرا في قشريّته ؛ فما نرى منه من القوّة في فهم الأخبار والاعتدال في السلوك العمليّ إنّما هو نتيجة حضوره لمجالس درس هذا الاستاذ والاقتداء به علما وعملا ؛ على أنّ ما ترسّخ فيه من السلوك الأخباريّ أيضا صار معينا له وموجبا لاعتداله في السلوك العقليّ وعدم الاعتماد على العقل الصرف والوقوف عند ظواهر النصوص والسعي في تبيين عدم وجود الاختلاف بين ما يفهم من العقل والدين والكشف ؛ وهو وإن كان في ذلك أيضا سالكا سبيل الاستاذ وتلميذا له ومقرّرا لما استفاد منه ، إلا أنّه أكثر تحفّظا واحتياطا منه ـ سيّما في اخريات عمره ـ ولعلّ ذلك لحضوره في المجتمع أكثر من استاذه الذي بقي مدّة طويلة من عمره منعزلا عن العامّة مبتعدا عن الغوغاء ، معتكفا على شأنه العلميّ والعمليّ. ولم يجرّب ما جرّبه الفيض عند ما صار إماما للجمعة والجماعة وحاكما شرعيّا من قبل السلطان. ولقى ما صرّح به ـ أو حكاه غيره ـ من معاصريه من حواشي السلطان والمتشبّهين بالعلماء والقشريّين منهم من الأذى والطعن وحتّى التكفير.
هذه خمسة من الأعلام الذين صرّح الفيض بالاستفادة وأخذ الإجازة منهم ؛ وذكر المحدّث النوري (١) ثلاثة آخرين في عداد مشايخ الفيض ، وهم :
١ ـ المولى خليل القزويني.
٢ ـ المولى محمد صالح المازندراني.
__________________
(١) ـ مستدرك الوسائل : الخاتمة ، الفائدة الثالثة ، ذكر مشايخ المولى محمد باقر المجلسي ـ قدسسره ـ ، ٢٠ / ٢٣٦ ، طبعة آل البيت. وقد ذكر صاحب الروضات أيضا روايته عن الأولين حيث قال (روضات الجنات : ٦ / ٩٣) : «وله الرواية أيضا عن الشيخين المذكورين [السيد ماجد وصدر المتألهين] وكذا عن الشيخ محمد بن الشيخ حسن بن شيخنا الشهيد الثاني ، وعن المولى خليل القزويني ، والمولى صالح المازندراني ، بحقّ روايتهم جميعا عن شيخنا البهائي رحمهالله».