أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) [٤ / ١٣٦].
فالفوارق البارزة بين هذا الكتاب وسائر الكتب الكلامية امور :
١ ـ أنّه بيّن أولا أن طريق تحصيل العلم هو التدبّر في الكتاب والسنّة والعمل بهما (١) : «لعل الله يرزقكم ببركة ذلك علما آخر من لدنه وكشفا أتمّ من لديه ...» ؛ فالكلام عنده ليس علما يدافع عن الكيان الإسلامي تجاه التحامل الثقافي من أعداء الدين ـ فحسب ـ بل يرشد الذين آمنوا ـ أيضا ـ إلى أن يؤمنوا إيمانا يقينيّا كشفيّا بعيدا عن الشكوك ، وذلك لا يحصل إلا بالوصول إلى ما أشار إليه ، وهو أن يرزق الله عبده علما من لدنه وكشفا من لديه.
٢ ـ ثم قال : «فإن لم تهتدوا إلى كيفيّة استنباط عقائدكم من الكتاب والسنّة فعليكم بمطالعة هذا الكتاب ... وهو مخّ الشرع الشريف ولباب الدين الحنيف ، وليس هو الأخذ بالتقليد في شيء ـ كلّا ـ بل هو تنبيه على التحقيق وإرشاد إلى البراهين الحقيقة بالتصديق بتعليم صاحب الشرع على ما يناسب أكثر الأفهام ويليق».
٣ ـ ركّز في مطاوي الكتاب على الأخذ عن الكتاب والسنّة النبويّة وروايات أهل البيت أولا ، ولم يغفل السلوك العقلي والاستفادة من الحكمة المتعالية ، إلا أنّه وجّه النظر إليه ثانيا بعد التأمّل في القسم الأول ، وجعل الثاني تبعا له وشارحا لما صدر عن معادن الوحي في كل باب ، ثم رجع ثالثا وأعاد النظر إلى الأول لتتميم الكلام وتأييد المرام ، فيكون السائر العلمي متابعا لصاحب الوحي في أول مسيره بما آمن به ومشايعا له في آخره بما صار ذو بصيرة وعاين ما آمن به أولا على الغيب.
٤ ـ ففي هذا المجال تراه يتابع الآيات والأخبار دائما بالبيانات المستفادة من الحكمة ، ثم يؤيّد ما أورده عن الحكماء بالكتاب والسنّة.
__________________
(١) ـ مقدمة الكتاب.