أفلا يثير الحفيظة ، ويؤجج نار الشَّحناء في صدور عامة الشِّيعة ما يقوله في ( فجر الاسلام ) صفحة ٣٣ : « أنَّ التشيُّع كان مأوى يلجأ اليه كلُّ من أراد هدم الاسلام » إلى آخر ما قال .. يكتب هذا وهو يعلم أنَّ النقد من ورائه ، والتمحيص على أثره ، يجرح عاطفة أًمَّة تُعدًّ بالملايين ، وتتكوَّن منها الطائفة العظمى من المسلمين.
ومن غريب الاتفاق أنَّ ( أحمد أمين ) في العام الماضي ( ١٣٤٩ هجري ) ـ بعد انتشار كتابه ، ووقوف عدّةٌ من علماء النجف عليه ـ زار ( مدينة العلم ) وحظي بالتشرُّف بأعتاب ( باب تلك المدينة ) في الوفد المصري المؤلَّف من زهاء ثلاثين بين مدرِّس وتلميذ ، وزارنا بجماعته ، ومكثوا هزيعاً (١) من ليلة من ليالي شهر رمضان في نادينا في محفل حاشد ، فعاتبناه على تلك الهفوات عتاباً خفيفاً ، وصفحنا عنه صفحاً جميلاً ، وأردنا أن نمرَّ عليه كراماً ونقول له سلاماً.
وكان أقصى ما عنده من الاعتذار « عدم الاطلاع وقلة المصادر »؟! فقلنا : وهذا أيضاً غير سديد ، فإنَّ من يريد أنْ يكتب عن موضوع يلزم عليه أولاً أن يستحضر العدة الكافية ، ويستقصي الاستقصاء التام ، وإلاّ فلا يجوز له الخوض فيه والتعرّض له ، وكيف أصبحت مكتبات الشيعة ومنها مكتبتنا المشتملة على ما يناهز خمسة آلاف مجلد أكثرها من كتب علماء السنّة ، وهي في بلدة كالنجف فقيرة من كلُّ شيء إلاّ من العلم والصلاح إنْ شاء الله ، ومكتبات القاهرة ـ ذات العظمة والشأن ـ خالية من كتب الشيعة إلاّ شيئاً لا يذكر.
__________________
(١) هزيعاً من الليل : أي طائفة منه ، وهو نحو من ثلثه أو ربعه.
الصحاح ـ هزع ـ ٣ : ١٣٠٦.