...................................................
__________________
الاغضاء أبداً عن ذلك الواقع الثابت مهما يلجأ اليه البعض من الخلط والتأويل والاقحام ... نعمٍ ، ليس ذلك بالامر الذي تفرَّد هو به ، بل تجد هذا الخلط الممجوج والمستهجن طافحاً على سطح العديد من المؤلَّفات القديمة والحديثة ، حتى إنّي وقبل فترة قصيرة عندما كنت مشاركاً بجهد متواضع في المؤتمر العالمي الخاص بالذكرى الالفية لوفاة الشيخ المفيد رحمه الله تعالى برحمته الواسعة ( ١٤١٣ هـ ) أثار تعجبي ترديد هذه العبارة الباهتة من قبل بعض الاساتذة والباحثين ، بشكل لا يجد المرء أمامه إلّا التسليم بسريان حالة الفهم السطحي وغير العلمي لخصائص كلُّ عقيدة من هاتين العقيدتين باعتماد اُفق ضيق في دراسة كلُّ منهما ـ كما وجدته في عمل المستشرق آدم متز أثناء حديثه عن الحضارة الاسلامية في القرن الرابع ، الهجري باعتماده على كتاب علل الشرائع للشِّيخ الصدوق فحسب لتقييم الصلة بين الشِّيعة والمعتزلة!! ـ والترديد الحرفي وغير العلمي لما ورد في كتابات اُولئك المستشرقين ـ كما يتبين ذلك في كتاب فجر الاسلام للدكتور أحمد أمين ـ أو بعض السابقين ممَّن جهدوا في تجريد الشَّيعة الامامية من كلُّ خصائصهم وعقائدهم ، استجابة لارادات الحكّام آنذاك من الذين دفعهم التعصُّب البغيض والتحزُّب الاعمى لمذاهبهم ، وعدائهم الواضح لاهل البيت عليهمالسلام ، إلى اتخاذ هذا الموقف الملتوي والمفضوح من عقائد الشِّيعة الامامية وأفكارها ، يضاف إلى ذلك ـ وهو الاهم ـ دأب اولئك الحكّام على ايقاد نار الخلاف والتناحر الفكري والعقائدي بين فرق المسلمين المختلفة وتأجيجها في محاولة منهم لصرف أذهان الناس عن تلمُّس الوضع المزري التي تعيشه شعوبهم المغلوبة على أمرها ، كنتيجة منطقية لتسلُّط جملة مشخَّصة من الافّاقين والفاسدين على رقاب الأُمَّة ، وانغماسهم في اللهو واصطياد المتع الرخيصة ومنادمة الجواري والغلمان ، واشراعهم أبواب بيوت مال المسلمين أمام المغنين والراقصين والماجنين وغيرهم ، حين يُحرم من ذلك المال أصحابه الشرعيين ، ومن ينبغي أنْ تُصرف تلك الاموال فيهم ... فكان ايقاد ذلك الخلاف والاختلاف بين الفرق الاسلامية المختلفة خير وسيله لصرف أذهان زعماء تلك المذاهب والفرق واتباعهم عن الالتفات الجدي إلى ذلك الامر ، لانَّ ساحة المنازلة القسرية تكون في محاولة الدفاع عن وجودهم الفكري والعقائدي قبالة التحديات الفكرية المطروحة أمامهم ، وهذا ما سعى له الحكّام آنذاك وأتباعهم ، فكان ورغم ما نتج عنه من نتاجات واسعة شكَّلت بالتالي البنيان الاساسي لجملة من عقائد الفرق المختلفة ، وتأكيد الهوية المستقلة للمذاهب المتعددة ، إلاّ أنَّها وفي مواضع كثيرة ـ وذلك ممّا يثير الاسى والاسف ـ كانت أشبه بساحة قتال غير عقلائية ، انشغل فيها المسلمون من أتباع تلك