إنَّ الله سبحانه خلق الجنَّة لمن أطاعه ولوكان عبداً حبشياً ، وخلق النّار لمن عصاه ولو كان سيِّداً قرشياً ، ويروون عن أئمتهم عليهمالسلام من أمثال ذلك ما يفوت حد الاحصاء (١).
__________________
(١) الغريب أنْ تجد من تبلغ به الغفلة أو السذاجة هذا الحد من الاسفاف والتطاول الاجوف على طائفة كبيرة من طوائف المسلمين ، لها اُصولها وعقائدها المعلنة والصريحة ، والتي ليست هي في محاجر مكهربة ، أو في أقبية سرية لا يطالها أحد ولا يستطيع الوصول إلى قراءة مضامينها باحث ، بل هي بحمد الله تعالى تكتض بها المكتبات العامَّة والخاصة ، وهي بمتناول الجميع دون استثناء ، ناهيك بمن أراد التعرُّف عليها بصدق وحرص ، فكيف بالله عليك تجد رجلاً مثل أحمد أمين وهو الكاتب المعروف يتخبط هذا التخبُّط المخزي وهو يتحدَّث عن عقائد الشِّيعة ، فتبلغ به الغفلة هذا الحد وهذا المستوى من الطعن الرخيص والباهت .. فمن أين له اثبات مُدعاه هذا ، والذي يستثير حتى عوام الناس لا مثقفيهم فحسب ، والذي يتناقض تناقضاً صريحاً مع مفهوم الشريعة الاسلامية التي ترتكز عليها العقائد الشِّيعية ، بل وتنبعث منها. فمن لا يعلم أنَّ الايمان والعمل مقترنان كلُّ واحد منها بالاخر ، لان العمل هو الترجمة الواقعية للايمان ، والتجسيد الفعلي له ، بل ومن لا يعلم أنً لا نجاة يؤمئذ إلاّ بعمل وتقوى؟! ... نحن نعتقد أنَّ من لا يقول بذلك غير عاقل ، فكيف بالشِّيعة وهم يستقون علومهم من دوحة النبوة وشجرتها الوارفة ، أي أهل البيت عليهمالسلام ، الذين هم ورثة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وعدول القرآن ، واُمناء الرسالة!!
كما أنَّه ليس في الشيعة ـ من أدناها إلى أقصاها ـ من لا يعلم بذلك ، وها أنت ترى الملتزمين منهم يصلّون ، ويصومون ، ويحجُّون ، ويسارعون في الخيرات ، ويجتنبون المحارم والموبقات.
بل وهذه كتب الامامية ـ التي لا عد لها ولا حصر ـ تنادي بتقوى الله تعالى واتباع أوامره. آلاف الاحاديث وآلاف الاخبارالمنقولة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام كلّها تنحو هذا المنحى الثابت الذي أشرنا إليه.
ثم ـ ولعل هذا الامر هوما فات صاحب فجر الاسلام وقد يفوت غيره إن اردنا أنْ نمنحهم العذر في ذلك ـ لعله قد طرق سمع الدكتور أحمد أمين ، او قرأ بعض الاخبار المنقولة في جملة من المصادر الحديثية المنوِّهة بفضل الشِّيعة ، والاشادة بمنزلتهم ، فتصوّر أنَّ الامر هذا يقع على كلُّ من تسمى باسم الشِّيعة ، أي سريانه على كلُّ من يعده العرف شيعياً اسماً لا واقعاً ... فاذا كان كذلك تصوره فانَّ هذا هو الداء العياء ، والخلط العظيم.