وتبعه على ذلك جماعة من عيون الصحابة ، كالزبير وعمّار والمقداد وآخرين (١).
ثمَّ لمّا رأى تخلّفه يوجب فتقاً في الاسلام لا يُرتق ، وكسراً لا يُجبر ، وكلُّ أحد يعلم أنَّ علياً ما كان يطلب الخلافة رغبة في الامرة ، ولا حرصاً على المُلك والغلبة والاثَرة ، وحديثه مع ابن عبّاس بذي قار مشهور (٢) ، وإنَّما يريد تقوية الاسلام ، وتوسيع نطاقه ، ومد رواقه ، وإقامة الحقِّ ، وإماتة الباطل.
وحين رأى أنَّ المتخلّفين (٣) ـ أعني الخليفة الأول والثاني ـ بذلا أقصى الجهد في نشركلمة التوحيد ، وتجهيز الجنود ، وتوسيع الفتوح ، ولم يستأثروا ولم يستبدوا ، بايع وسالم ، وأغضى عما يراه حقّاً له ، محافظة على الاسلام أن تتصدّع وحدته ، وتتفرَّق كلمته ، ويعود الناس الى جاهليتهم الأُولى.
__________________
الامامة والسياسة ١ : ١١ ، مروج الذهب ٢ : ٣٠٢ ، تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٨ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٣٢٧ ، الصواعق المحرقة : ١٣.
(١) منهم : أبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، والمقداد بن عمرو ، وعمار بن ياسر ، وفروة بن عمرو ، وخالد بن سعيد بن العاص ، واُبي بن كعب ، والبراء بن عازب ، وقيس بن سعد بن عبادة ، وخزيمة بن ثابت ، وغيرهم.
راجع : مروج الذهب ٢ : ٣٠١ ، العقد الفريد ٤ : ٢٥٩ ، تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٨ ، الكامل في التأريخ ٢ : ٣٢٥ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٠٣ ، تاريخ ابي الفداء ٢ : ٦٣.
(٢) قال عبدالله بن عبّاس : دخلتُ على أمير المؤمنين عليهالسلام بذي قار وهو يخصف نعله ، فقال رحمه الله لي : ما قيمة هذهِ النعل؟ فقلت : لا قيمة لها.
فقال عليهالسلام : « والله لهي أحب إلى من امرتكم إلاّ أنْ اُقيم حقَّاً ، أو أدفع باطلا » ....
انظر : شرح نهج البلاغة للشيخ محمد عبده ١ : ٧٦|٣٢.
(٣) صوابها ( المختلّف ) لأنَّ الامر برمته كان في عهد أبي بكر ، ومثل ذلك في المفردات اللاحقة ، فلاحظ.