وتجد في ( ربيع الأبرار ) للزمخشري ونظائره لهذه النادرة نظائر كثيرة (١).
هذا كلّه والناس قريبو عهد بالنبي والخلفاء ، وما كانوا عليه من التجافي عن زخارف الدنيا وشهواتها ، ثم انتهى الأمر به إلى أنْ دسَّ السّم إلى الحسن عليهالسلام فقتله (٢) ، بعد أنْ نقض كلُّ عهد وشرط عاهد الله عليه له (٣) ، ثم أخذ البيعة لولده يزيد قهراً ، وحاله معلوم عند الأُمَّة يومئذٍ أكثر ممَّا هو معلوم عندنا
__________________
(١) اُنظر : ربيع الابرار ١ : ٩٠ ، ٩٢ ، ٨٠٧ ، ٨٣٥ و ٢ : ٦٩٣ ، ٧٢٠ و ٣ : ٧٧ ، ٨٠ و ٤ : ٢٣٩ و ٢٤٢.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٧٣ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد المعتزلي ١٦ : ٤٩ ، الاستيعاب بهامش الاصابة ١ : ٣٧٥ ، مروج الذهب ٣ : ١٨٢|١٧٦٠.
(٣) قد يكتفي البعض بمقولة معاوية بن هند في مسجد الكوفة من أنَّ كلُّ العهود والمواثيق ـ التي أبرمها وتعهَّد للامام الحسن عليهالسلام بالوفاء بها ، وأشهد على نفسه في ذلك الشهود ـ تحت قدميه لا يفي منها بشيء ، إلاّ أن استقراء سيرة معاوية وافعاله بعد ذلك الصلح خير شاهد على هذا النقض والتنصل عما عاهد الله تعالى عليه لأن يفي به.
بلى ، فقد عاهد الامام الحسن عليه السلام بأن تكون الخلافة له بعد موته ، واذا توفي الامام الحسن عليه السلام قبله فإنَ الخلافة تكون للامام الحسين عليه السلام بعد هلاك معاوية ، بيد أنَّه ( أي معاوية ) جهد على استحصال البيعة لولده يزيد الفاجر بشتى الوسائل والذرائع بعد وفاة الامام الحسن عليه السلام ، حين كان قد تحايل في التمهيد لاذاعة هذا الامر في حياة الامام الحسن عليه السلام على ما تذكره المراجع المختلفة.
ثم إنَّ معاوية تعهَّد للامام الحسن عليهالسلام بالكف عن مطاردة شيعته وحقن دمائهم ، لكنه لم يترك وجهاً من أصحاب الامام عليهالسلام وشيعته إلاّ ونكلَّ به أو قتله.
بل ونقض ما تعهَّد به من رفع السنَّة السيئة التي ابتدعها بسب الامام علي ابن ابي طالب عليهالسلام على المنابر ، ولكنًه هلك وهلك الذين بعده وهم على هذه الفعلة النكرة دائمون ، حتى نهى عنها عمر بن عبدالعزيز من بعد.
واخيراً فقد تعهَّد بأن يحكم بما في القرآن وما جاء عن الرسول صلى الله عليه وآله ، ولكنَّه ... وكما قيل شتان بين مشرق ومغرب.
راجع ما شئت من كتب التأريخ التي تحدَّثت عن هذه الواقعة ، واحكم بما يمليه عليك دينك وعقلك.