الخليفتان (١) في الكراع والسلاح والجند.
ويحدثنا الوزير أبو سعيد منصور بن الحسين اللآبي المتوفى سنة (٤٢٢) في كتابه ( نثر الدرر ) ما نصَّه :.
قال أحنف بن قيس : دخلتُ على معاوية فقدَّم لي من الحار والبارد ، والحلو والحامض ، ما كثر تعجبي منه ، ثم قدَّم لوناً لم أعرف ما هو : فقلتُ : ما هذا؟
فقال : هذا مصارين البط محشوَّة بالمخ ، قد قلي بدهن الفستق ، وذُرَّ عليه بالطبرزد.
فبكيتُ ، فقال : ما يُبكيك؟
قلت : ذكرتُ علياً ، بينا أنا عنده وحضر وقت الطعام وإفطاره ـ وسألني المقام ـ فجيء له بجراب مختوم ، قلتُ : ما في الجراب؟
قال : سويق شعير.
قلتُ : خفتَ عليه أنْ يُؤخذ أو بخلتَ به؟
قال : لا ولا أحدهما ، ولكن خفتُ أنْ يلته الحسن والحسين بسمن أو زيت.
فقلتُ : محرَّم هو يا أمير المؤمنين؟
فتهال : لا ، ولكن يجب على أئمة الحقِّ أنْ يعتدُوا أنفسهم من ضعفة الناس لئلا يُطغيَ الفقيرَ فقرُهُ.
فقال معاوية : ذكرتَ مَنْ لا يُنكر فضله (٢).
__________________
(١) لعله رحمه الله تعالى يقصد بهما أبا بكر وعمر ، ولكن لم ادرك وجه تخصيصهما بذلك ، فتأمَّل.
(٢) نثر الدر ١ : ٣٠٥.