الأُمَّة على بيعة يزيد (١) ، واستلحاق زياد أشهر (٢) ، وتوسّعه بالموائد وألوان المطاعم الأنيقة معلوم ، وكلُّ ذلك من أموال الأُمَّة ، وفيء المسلمين الذي كان يصرفه
__________________
(١) وتلك والله وحدها موبقة عظيمة كفيلة بايراد معاوية في أسفل درك الجحيم ، حيث ملَّك رقاب الاُمَّة رجلاً تجمَّعت فيه كلُّ صفات الرذيلة والانحطاط بشكل جلي ، بل وكان من أوضح الناس عداءً لله ولرسوله ، وبغضاً لاهل بيت النبوة عليهمالسلام ، حتى فعل ما فعل ابان حكمه القصير من الفجائع والنكبات ما ترتعش من هولها السموات والارضين ، كان أعظمها قتل ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وريحانته ، وسيِّد شباب أهل الجنة ، الامام السبط الحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام مع اخوانه وأهل بيته وأصحابه ، بل وسبي عياله والطواف بهم في البلدان بشكل تتفطَّر له القلوب ، وتتصدع له الجبال .... فما فعل معاوية بهذه الأُمة وما جنى عليها .... بل وبمن تتعلَّق هذه الجناية العظيمة ، والرزية المهولة؟
ثم هل ينجو معاوية من واقعة الحرة التي فجع فيها ولده اللعين مدينة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، واستباح فيها الاموال والدماء والاعراض ، وغير ذلك مما لا تحتمله القلوب ولا تصدقه العقول ، بل ووضع سيفه في رقاب المسلمين حتى قتل يومئذ من المهاجرين والانصار وغيرهم من المسلمين أكثر من عشرة آلاف رجل كما تذكر ذلك الكثير من المراجع والمصادر المختلفة ، حتى لقد قيل بانه لم يبق في المدينة بدري بعدها ، ناهيك عمن قُتل من النساء ايضاً والصبيان ... ، بل وروي ايضاً بأنَّ جنده وأزلامه افتضوا في هذه الواقعة ألف عذراء من بنات المهاجرين والانصار ، وأمروا المسلمين بالبيعة لاميرهم اللعين يزيد على أنهم عبيد وخول ، إنْ شاء استرق وإنْ شاء أعتق!!.
نعم ، هذه وغيرها من الموبقات العظيمة التي لا عد لها ولا حصر ، والتي لا تصدر إلاّ عن كافر ، خبيث السريرة ، نتن الطوية ، لعين المرتع.
وأخيراً اقول : ماذا فعل معاوية بهذه الاُمَّة ، وانّى له التنصُّل من تبعات هذه الافعال الثقال التي لحقت بافعاله هو والتي لاتقل عنها فساداً ولا انحرافاً.
(٢) نعم الحقه بدعوى أنَّ ابا سفيان زنى بسمية ـ وكانت من ذوات الرايات ـ وهي على فراش عبيد ، فحملت بزياد ، وذلكُ بشهادة أبي مريم ، المتاجر بالخمور والقيادة ، فهنيئاً للاُمَّة الاسلامية بكذا زعماء لايزال البعض يكنّون لهم الاحترام والتقدير والتقديس ، بعد أنْ حرَّفوا الَّذين ، وضيَّعوا حدوده ، وأباحوا حرماته ، وسفكوا دماء أهله ، وما تركوا شيئاً منكراً إلاّ وفعلوه.
اُنظر : تاريخ الطبري ٥ : ٢١٤ ، الكامل في التأريخ ٣ : ٤٤١ ، مروج الذهب ٣ : ١٩٣ ، العقد الفريد ٥ : ٢٦٧ و ٦ : ١٤٤ ، سير أعلام النبلاء ٣ : ٤٩٥ ، الاصابة ٣ : ٤٣.