أجلى من ضاحية الصيف.
ولا يرتاب متدبِّر أن اشتغال بني امية وبني العبّاس في تقوية سلطانهم ، ومحاربة أضدادهم ، وانهماكهم في نعيم الدنيا ، وتجاهرهم بالملاهي والمطربات ، وانقطاع بني علي عليهالسلام إلى العلم والعبادة ، والورع والتجافي عن الدنيا وشهواتها ، وعدم تدخلهم في شأن من شؤون السِّياسة ـ وهل السِّياسة إلا الكذب والمكر والخداع ـ كلُّ ذلك هو الذي أوجب انتشار مذهب التشيُّع ، وإقبال الجم الغفير عليه.
ومن الواضح الضروري أنَّ الناس وإن تمكن حب الدنيا والطموح الى المال في نفوسهم ، وتملك على أهوائهم ، ولكن مع ذلك فإنَّ للعلم والدين في نفوسهم المكان المكين ، والمنزلة السّامية ، لا سيما وعهد النبوة شريب ، وصدر الاسلام رحيب لا يمنع عن طلب الدنيا من طرقها المشروعة ، لا سيما وهم يجدون عياناً أنَّ دين الاسلام هو الذي درَّ عليهم بضروع الخيرات ، وصبَّ عليهم شآبيب البركات ، وأذلَّ لهم ملك الأكاسرة والقياصرة ، ووضع في أيديهم مفاتيح خزائن الشرق والغرب ، وبعض هذا فضلاً عن كله لم تكن العرب لتحلم به في المنام ، فضلاً عن أن تأتي بتحقيقه الأيام ، وكلُّ هذا ممّا يبعث لهم أشد الرغبات في الدين ، وتعلُّم أحكامه ، والسير ولو في الجملة على مناهجه ، ولو في النظام الاجتماعي ، وتدبير العائلة ، وطهارة الأنساب ، وأمثال ذلك ، لا جرم أنَّهم يطلبون تلك الشرائع والأحكام أشد الطلب ، ولكم لم يجدوها عند اولئك المتخلّفين ، والمتسمي كلُّ واحد منهم بأمير المؤمنين وخليفة المسلمين!!.
نعم وجدوا أكمله وأصحه وأوفاه عند أهل بيته ، فدنوا لهم ، واعتقدوا بإمامتهم ، وأنَّهم خلفاء رسول الله صلىاللهعليهوآله حقاً ، وسدنة شريعته ، ومبلِّغو أحكامه الى امته. وكانت هذه العقيدة الإيمانية ، والعاطفة الإلهية ،