والواقفية (١) ،
__________________
(١) تطلق هذه التسمية على الأفراد والجماعات المنحرفة من الذين وقفوا على إمام من أئمة أهل البيت عليهمالسلام ولم يذهبوا إلى القول بوجوب امتداد الامامة إلى مَن بعده من الأئمة كما هو ثابت ومنصوص عليه ، رغم أن هذه التسمية ، ولكثرة ما اشتهر من الذين وقفوا على الامام موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام ، أخذت تنصرف إلى هذه الجماعة عند الاطلاق.
والحق يقال : أنَّ هذه الظاهرة المنحرفة كانت تشكَّل حالة مرضية لايمكن الاعراض عنها واهمالها لما تمثله من تفكير فاسد ومنحرف وضع لبناته جملة مشخصة من الجماعات لاغراض ومآرب واضحة ومعروفة ، ولذا فقد تصدى لابطال شبهات ودعاوى هذه الجماعات أئمة أهل البيت عليهمالسلام وكبار رجالات الطائفة وأعيانها ، ودعوا الناس إلى نبذهم وادراك اغراضهم من هذا الطرح الباهت والباطل.
ولعل المرور المتعجل على الاسباب التي نشأت من خلالها هذه الاطروحة الساقطة يبيِّن بوضوح أنَّ أُولى تلك الاسباب كان الجشع والطمع والضعف قبال الثروات الهائلة التي أؤتمن عليها اؤلئك الرواد الأوائل لهذه الجماعات المنحرفة ، والتي كان ينبغي أن تخضع لوصاية الامام التالي للامام المتوفى ، والتي كانت أوضح صورها بعد استشهاد الامام موسى بن جعفر عليهالسلام ، بعد غيبته التي امتدت لسنين طويلة في سجن الرشيد ، فكان وجود هذه الثروات الضخمة والطائلة بأيدي ذلك البعض ابان الظروف العسرة والشاقة التي احاطت بالشيعة ـ ولا سيما وامامهم مغيِّب في قعر السجون ، وهم دائماً تحت طائلة العقاب ، من سجن ونفي وتشريد وقتل ، بأيدي ازلام السلطة ، والعديد من عشاق المال والثروة ، وطلاب الجاة والشهرة ـ غنيمة باردة صوَّرتها لهم نفوسهم المريضة ، وأفكارهم المضطربة أمام بريق هذا المال ووهجه البراق ، فكان أن وقع ما هو ليس بمستغرب ، بل وكثير ما نشاهده ونسمعه في كلُّ زمان ومكان ، من انهيار البعض وسقوطه في هذا الامتحان الكبير ... فلم يجد اولئك المفتونين ـ بعد قدح زناد الفكرـ حيلة ـ كما صوَّرتها لهم أفكارهم الفاسدة ـ انسب من ادعاء عدم وفاة الامام الذي كان هو المصرِّف الاول لشؤون هذه الاُمّة ، ومن له الحق المطلق في كيفية أنفاق هذه الاموال ، والقول بأنّه حي يرزق ، وأنّه سيعود لتصريف هذه الشؤون ولو بعد حين. واذن فلا ولي لهذه الاموال في غيبة الامام ـ كنتيجة لقولهم هذا ـ إلّا هم ، وهم أسياد في التصرُّف بما لا رقيب عليه. فطبّلوا لدعواهم الباهتة هذه وزمّروا ، وتشبثوا بها تشبثاً مستميتاً.
وكان من نتيجة ذلك ألموقف أن ردوا امامة ولده علي بن موسى الرضا عليه السلام ، وبقيت أديهم حرة في التلاعب بتلك الاموال الطائلة.