الإمامية من بين سائر فرق المسلمين بالقول بجوازه وبقاء مشروعيته إلى الأَبد ، ولا يزال النزاع محتدماً فيه بين الفريقين ، من زمن الصحابة وإلى اليوم. وحيث إنَّ المسألة لها مقام من الاهتمام ، فجدير أن نعطيها ولو بعض ما تستحق من البحث ، إنارة للحقيقة ، وطلبا للصواب.
فنقول : إنَّ من ضروريات مذهب الإسلام ـ التي لا ينكرها من له أدنى إلمام بشرائع هذا الدِّين الحنيف ـ أنَّ المتعة ـ بمعنى العقد إلى أجل مسمى ـ قد شرَّعها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأباحها ، وعمل بها جماعة من الصحابة في حياته ، بل وبعد وفاته ، وقد اتفق المفسرون : أنَّ جماعة من عظماء الصحابة كعبدالله بن عباس ، وجابر بن عبدالله الأَنصاري ، وعمران بن الحصين ، وأبن مسعود ، وأُبي بن كعب ، وغيرهم كانوا يفتون بإباحتها ، ويقرأون الآية المتقدمة هكذا : ( فما استمتعتم به منهنَّ إلى أجل مسمّى ) (١).
وممّا ينبغي القطع به أنَّ ليس مرادهم التحريف في كتابه جلَّ شأنه ، والنقص منه ( معاذ الله ) بل المراد بيان معنى الآية على نحو التفسير الذي أخذوه من الصادع بالوحي ، ومن اُنزل عليه ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه.
والروايات التي أوردها ابن جرير في تفسيره الكبير وان كانت ظاهرة في أنّها من صلب القران المنزَّل حيث يقول أبو نصيرة : قرأت هذه الآية على ابن عباس فقال : إلى أجل مسمى. فقلت : ما أقرأها كذلك ، قال : والله لأنزلها الله كذلك ( ثلاث مرات ) (٢). ولكن يجل مقام حبر الاُمَّة عن هذه
__________________
(١) انظر : جامع البيان للطبري ٥ : ٩ ، التفسير العظيم لابن كثير ١ : ٤٧٤ ، تفسير الكشّاف للزمخشري ١ : ٥١٩ ، الجامع لاحكام القرآن للقرطبي ٢ : ١٤٧ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ : ٢٠٥.
(٢) جامع البيان للطبري ٥ : ٩.