الوصمة ، فلا بُدّ أن يكون مراده ـ إن صحَّت الرواية ـ أنَّ الله أنزل تفسيرها كذلك.
وعلى أيٍ ، فالإجماع ، بل الضرورة في الإسلام قائمة على ثبوت مشروعيتها ، وتحقُّق العمل بها ، غاية ما هناك أنَّ المانعين يدَّعون أنَّها نُسخت وحُرِّمت بعد ما أُبيحت ، وحصل هنا الاضطراب في النقل والإِختلاف الذي لا يفيد ظناً فضلاً عن القطع ، ومعلوم ـ حسب قواعد الفن ـ ان الحكم القطعي لا ينسخه إلّا دليل قطعي.
فتارة : يزعمون أنّها نُسخت بالسنَّة ، وأن النبي حرَّمها ، بعد ما أباحها (١) ، وأُخرى : يزعمون أنَّها قد نسخت بالكتاب ، وهنا وقع الخلاف والإختلاف أيضاً ، فبين قائل : أنّها نُسخت بآية الطلاق ( إذا طَلَّقتُم النِّساءَ فَطَلّقوهُنَّ لِعِدَّتِهِّنِ ) (٢) (٣) وآخر يقول : نَسَخَتها آية مواريث الأزواج ( لَكُم نِصفُ ما تَرَكَ أزواجُكُم ) (٤) (٥) وأجدني في غنى عن بيان هذه الاوهام وسخافتها ، وأنَّه لا تنافي ولا تدافع بين هذه الآيات وتلك الاية حتى يكون بعضها ناسخاً
__________________
(١) أقوال القوم هنا متضاربة ومتعارضة أشد التعارض ، فمنهم من يذهب إلى أنّها اُبيحت ثم نُهي عنها يوم خيبر ، وآخر أنّها كانت مباحة وحرِّمت عام الفتح ، وثالث أنها ابيحت وحرمت في حجة الوداع ، ورابع أنَّها أبيحت عام أوطاس ثم حرِّمت ... وهكذا ، فراجع.
انظر : صحيح مسلم باب نكاح المتعة ، مجمع الزوائد ٤ : ٢٦٤ ، سنن ابي داود ٢ : ٢٢٧ ، طبقات ابن سعد ٤ : ٣٤٨ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٤٨ ، مصنف ابن أبي شيبة ٤ : ٢٩٢ ، فتح الباري ١١ : ٧٣ ، سنن الدارمي ٢ : ١٤٠ ، سنن ابن ماجة حديث ١٩٦٢.
(٢) الطلاق ٦٥ : ١.
(٣) انظر : الجامع لاحكام القرآن للقرطبي ٥ : ١٣٠ ، التفسير الكبير للرازي ١٠ : ٤٩ ، سنن البيهقي ٢٠٧ : ٧.
(٤) النساء ٤ : ١٢.
(٥) اُنظر الجامع لاحكام القرآن للقرطبي ٥ : ١٣٠ ، التفسير الكبير للرازي ١٠ : ٥٠.