وقالوا : إنَّه أباحها في فتح مكة ثم حرَّمها هناك بعد أيام (١).
والشّائع ـ وعليه الأَكثر ـ : أنّه نسخها في غزوة خيبر [ في السّنة ] السّابعة من الهجرة ، أو في عمرة القضاء ، وهي في ذي الحجة من تلك السنّة (٢).
ومن كلُّ هذه المزاعم يلزم أن تكون قد اُبيحت ونُسخت خمس أو ست مرات لا مرتين أو ثلاث كما ذكره النووي وغيره في ( شرح مسلم ) (٣)!!
فما هذا التلاعب بالدِّين يا علماء المسلمين؟ وبعد هذا كله ، فهل يبقى قدر جناح بعوضة من الثقة في وقوع النسخ بمثل هذه الأَساطير المدحوضة باضطرابها أوَّلاً ، وبأنَّ الكتاب لا يُنسخ بأخبار الآحاد ثانياً ، وبأنَّها معارضة باخبار كثيرة من طرقهم صريحة في عدم نسخها ثالثاً.
ففي صحيح البخاري : حدَّثنا أبو رجاء ، عن عمران بن حصين رضياللهعنه قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله
__________________
الزوائد ٤ : ٢٦٤ ، مصنف ابن أبي شيبة ٤ : ٢٩٢.
(١) صحيح مسلم ٢ : ١٠٢٥ ، سنن البيهقي ٧ : ٢٠٢.
(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٦٣٠|١٩٦١ ، صحيح مسلم ٢ : ١٠٢٧.
والغريب أن القوم عند محاولتهم لايراد الادلة التي يحتجون بها لاثبات مدعاهم بتحريم نكاح المتعة لم يلتفتوا إلى كثير من مواضع الخلل البينة في استدلالاتهم ومحاجاتهم ، بل والى مواضع التهافت البينة فيها ، ومن ذلك قولهم بتحريمها في غزوة خيبر ، حيث يظهر بطلان ذلك من عدة وجوه ، لعل أوضحها ما ذكره ابن القيم في زاد المعاد ( ٢ : ١٥٨ و ٢٠٤ ) في معرض رده لهذا الرأي السقيم ، حيث قال ـ : وقصة خيبر لم يكن الصحابة يتمتعون باليهوديات ، ولا استأذنوا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولا نقله أحد قط في هذه الغزوة ، ولا كان للمتعة فيها ذكر البتة ، لا فعلاً ولا تحريماً ... فان خيبر لم يكن فيها مسلمات وإنّما كنَّ يهوديات ، واباحة نساء أهل الكتاب لم يكن ثبت بعد ، إنّما اُبحن بعد ... فتأمَّل.
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي ٩ : ١٨٠.