...................................................
__________________
والبراهين الدامغة ، فحيّاك الله ، وحيّا ذهنك الوقاد ، وفضلك الجم.
واُمهات مباحث الرسالة ثلاث :
(١) طلاق الثلاث.
(٢) الحلف بالطلاق والعتاق.
(٣) الاشهاد على الطلاق.
وكلّ واحدة من هذه المسائل قد وفَّيتها حقَّها من البحث ، وفتحت فيها باب الاجتهاد الصحيح على قواعد الفن ، ومدارك الاستنباط القويم ، من الكتاب السنَّة ، فانتهى بك السير على تلك المناهج القويمة إلى مصاف الصواب ، وروح الحقيقة ، وجوهر الحكم الإلهي ، وفرض الشريعة الاسلامية ، وقد وافقت آراؤك السديدة في تلك المسائل ما اتفقت عليه الامامية من صدر الاسلام الى اليوم ، ولم يختلف منهم اثنان ، حتى أصبحت عندهم من الضروريات.
كما اتفقوا على عدم وجوب الاشهاد على الرجعة ، مع اتفاقهم على لزومه في الطلاق ، بل الطلاق باطل عندهم بدونه.
وقد ترجَّح عندك قول من يقول بوجوب الاشهاد فيهما معاً ، فقلت ( في صفحة ١٢٠ ) : وذهبت الشِّيعة الى وجوب الاشهاد في الطلاق ، وأنَّه ركن من أركانه كما في كتاب ( شرائع الاسلام ) ولم يوجبوه في الرجعة ، والتفريق بينهما غريب ولا دليل عليه ، انتهى.
وفي كلامك هذا ـ أيَّدك الله ـ نظر ، أستمحيك السَّماح في بيانه ، وهو : إنَّ من الغريب ـ حسب قواعد الفن ـ مطالبة النافي بالدليل والأصل معه ، وإنّما يحتاج المُثبت الى الدليل ، ولعلّك ـ ثبَّتك الله ـ تقول : قد قام الدليل عليه ، وهو ظاهر الآية على ما ذكرته في صفحة (١١٨) حيث تقول : والظاهر من سياق الآية إنَّ قوله تعالى ( وَأشهِدُوا ) راجع إلى الطلاق وإلى الرجعة معاً ... إلى آخر ما ذكرت.
وكأنّك ـ أنار الله برهانك ـ لم تمعن النظر هنا في الآيات الكريمة كما هي عادتك من الامعان في غير هذا المقام ، وإلّا لما كان يخفى عليك أنَّ السّورة الشّريفة مسوقة لبيان خصوص الطلاق وأحكامه ، حتى أنّها قد سُميّت بسورة الطلاق ، وابتدأ الكلام في صدرها بقوله تعالى : ( إذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ ) ثم ذكر لزوم وقوع الطلاق في صدر العدة ، أي لا يكون في طهر المواقعة ولا في الحيض ، ولزوم احصاء العدة ، وعدم اخراجهن من البيوت ، ثم استطرد إلى ذكر الرجعة من خلال بيان أحكام الطلاق ، حيث قال عز شأنه : ( فَاذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فَأمسِكُوهُنَّ بِمَعرُوفٍ ) أي اذا أشرفنَّ على الخروج من العدَّة فلكم امساكهنَّ بالرجعة