...................................................
__________________
أو تركهنَّ على المفارقة ، ثم عاد إلى تتمة أحكام الطلاق ، فقال : ( وَأشهِدُوا ذَوي عَدْلٍ مِنْكُم ) أي في الطلاق الذي سبق الكلام لبيان أحكامه.
ويستهجن عوده إلى الرجعة التي لم تُذكر إلا تبعاً واستطراداً ، ألا ترى لو قال القائل : اذا جاءك العالم وجب عليك احترامه وإكرامه ، وأن تستقبله سواء جاء وحده أو مع خادمه أو رفيقه ، ويجب [ عليك ] المشايعة وحسن الموادعة ، فإنَّك لا تفهم من هذا الكلام إلّا وجوب المشايعة والموادعة للعالم لا له ولخادمه ورفيقه ، وإن تأخرا عنه. وهذا لعمري ـ حسب القواعد العربية والذوق السليم ـ جلي واضح ، لم يكن ليخفى عليك ـ وأنت خرِّيت العربية ـ لولا الغفلة ، والغفلات تعرض للأريب.
هذا من حيث لفظ الدليل وسياق الاية الكريمة ، وهنالك ما هو أدق وأحقُّ بالاعتبار ، من حيث الحكمة الشرعية ، والفلسفة الاسلامية ، وشموخ مقامها ، وبُعد نظرها في أحكامها ، وهو : أنَّ من المعلوم أنه ما من حلال أبغض إلى الله سبحانه من الطلاق ، ودين الاسلام كما تعلمون جمعي اجتماعي ، لا يرغب في أي نوع من أنواع الفرقة ، ولا سيَّما في العائلة والاُسرة ، وعلى الأخص في الزوجية بعد ما أفضى كلُّ منهما إلى اللآخر بما أفضى. فالشارع ـ بحكمته العالية ـ يريد تقليل وقوع الطلاق والفرقة ، فكثّر قيوده وشروطه على القاعدة المعروفة من أن الشيء اذا كثرت قيوده عزّ ، أو قلّ وجوده ، فاعتبر الشاهدَين العدلضين للضبط أولاً ، وللتأخير والاناءة ثانياً ، وعسى إلى أن يحضر الشاهدان أو يحضر الزوجان أو أحدهما عندها يحصل الندم ، ويعودان إلى الالفة كما اشير اليه بقوله تعالى : ( لا تَدْري لَعَلَّ اللهَ يُحدِثُ بَعدَ ذلِكَ أمْراً ) وهذه حكمة عميقة في اعتبار الشاهدين لا شك أنها ملحوظة للشارع الحكيم ، مضافاً إلى الفوائد الآخر :
وهذا كله بعكس قضية الرجوع فانَّ الشارع يريد التعجيل به ، ولعل للتأخير آفات ، فلم يوجب في الرجعة أي شرط من الشروط تصح عندنا معشر الامامية بكل ما دل عليه من قول أو فعل أو اشارة.
ولا يُشترط فيها صيغة خاصة كما يشترط في الطلاق ، كلُّ ذلك تسهيلاً لوقوع هذا الأمر المحبوب للشارع الرحيم بعباده ، والرغبة الأكيدة في إلفتهم وعدم تفرُّقهم. وكيف لا يكفي في الرجعة حتى الاشارة ولمسها ووضع يده عليها بقصد الرجوع ، وهي ـ أي المطلقة الرجعية ـ عندنا معشر الإمامية لا تزال زوجة إلى أنّ تخرج من العدة ، ولذا ترثه ويرثها ، وتغسله ويغسِّلها ، وتجب عليه نفقتها ، ولا يجوز أن يتزوج باختها وبالخامسة؟ إلى غير ذلك من أحكام الزوجية.