هؤلاء ـ والمئات من أمثالهم ـ هانت عليهم نفوسهم العزيزة في سبيل نصرة الحقِّ ، ونطحوا صخرة الباطل وما تهشَّمت رؤوسهم حتى هشَّموها ، وما عرفوا أين زرع التقية وأين واديها ، بل وجدوا العمل بها حراماً عليهم ، ولو سكتوا وعملوا بالتقية لضاعت البقية من الحقِّ ، وأصبح دين الاسلام دين معاوية ويزيد وزياد وابن زياد ، دين المكر ، دين الغدر ، دين النفاق ، دين الخداع ، دين كلِّ رذيلة ، وأين هذا من دين الاسلام الذي هو دين كلِّ فضيلة ، اُولئك ضحايا الاسلام ، وقرابين الحقِّ.
ولا يغيبنَّ عنك ذكر ( الحسين ) وأصحابه سلام الله عليهم ، الذين هم سادة الشُّهداء ، وقادة أهل الإباء.
نعم ... هؤلاء وجدوا العمل بالتقية حراماً عليهم ، وقد يجد غيرهم العمل بها واجباً ، ويجد الآخرون العمل بها رخصة وجوازاً ، حسب اختلاف المقامات ، وخصوصيات الموارد.
يخطر على بالي من بعض المرويات : أنَّ مسيلمة الكذّاب ظفر برجلين من المسلمين ، فقال لهما : إشهدا أنّي رسول الله وأن محمّداً رسول الله.
فقال أحدهما : أشهد أنَّ محمَّد رسول الله وانَّك مسيلمة الكذّاب. فقتله ، فشهد الآخر بما أراد منه فأطلقه.
__________________
لا تصدقه العقول ، حتى لقد نالهم من الظلم والقتل الذريع المتلاحق الذي أجبرهم على اللجوء إلى التقية ـ التي أباحها الشارع المقدَّس عند الضرورة ـ حفاظاً على البقية الباقية منهم ، وليس لهم من دون ذلك حيلة ولا ملجأ ، وكان ينبغي أن يُلقى اللوم على من أجبرهم على اللجوء الى هذا الامر الا اليهم. وأنا أدعوك أخي القارئ الكريم إلى مطالعة كتاب « الشيعة والحاكمون » للشَّيخ محمَّد جواد مغنية رحمه الله تعالى للاطلاع عن كثب على بعض جوانب المأساة التي أحاطت بالشِّيعة ابان تلك العصور.