وبركة وتكريم من رب غفور رحيم ، قريب مجيب.
وصيتكم جميع من حضرني بوصية ربكم ، وذكرتكم سنة نبيكم ، فعليكم برهبة تسكن قلوبكم ، وخشية تذري دموعكم ، وتقية تنجيكم قبل يوم يذهلكم ويبليكم ، يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته ، وخف وزن سيئته ، ولتكن مسألتكم وملقكم مسألة ذل وخضوع ، وشكر وخشوع ، وتوبة ونزوع ، وندم ورجوع ، وليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه وشبيبته قبل هرمه وكبره ، وفرصته وسعته وفرغته قبل شغله ، وغنيته قبل فقره (١٠٧٦) ، وحضره قبل سفره ، من قبل يهرم ويكبر ، ويمرض ويسقم ، ويمله طبيبه ، ويعرض عنه حبيبه ، وينقطع عمره ويتغير عقله (١٠٧٧) قبل قولهم هو موعوك (ثم قيل هو موعوك ـ خ ل) وجسمه منهوك ، ثم جد نزع شديد ، وحضور كل قريب وبعيد ، قبل شخوص بصره وطموح نظره ، ورشح جبينه ، وخطف عرنينه ، وسكون حنينه ، وحديث نفسه ، وبكته عرسه ، ويتم منه ولده ، وتفرق عنه عدوه وصديقه وقسم جمعه ، وذهب بصره وسمعه ، وكفن ومدّد ، ووجه وجرد وعري وغسل ، ونشف وسجي ، وبسط له ، وهيئ ونشر عليه كفنه ، وشد منه ذقنه ، وقمص وعمم ، وودع عليه وسلم ، وحمل فوق سريره ، وصلي عليه ونقل من دور مزخرفة وقصور مشيدة ، وحجر منجدة ، فجعل في ضريح ملحود ضيق مرصود ، بلبن منضود ، مسقف بجلمود ، وهيل عليه عفره ، وحثى عليه مدره ، وتحقق حذره ، ونسي خبره ، ورجع عنه وليه وصفيه ونديمه ونسيبه ، وتبدل به قرينه وحبيبه ، فهو حشو قبر ، ورهين قفر ، يسعى في جسمه دود قبره ، ويسيل صديده على صدره ونحره يسحق برمته لحمه ،
__________________
(١٠٧٦) في بعض النسخ بزيادة : وفرغته قبل شغله.
(١٠٧٧) في رواية بزيادة : ويتغير لونه ويقل عقله.