وهناك روايات أخرى من هذا القبيل.
ويتضح من خلال التدقيق في مجموع الروايات الموجودة في المصادر المعروفة لأهل السنّة ، وقبل إعطاء الأحكام المسبقة ما يلي :
أولاً : طبقاً للقاعدة المعروفة في علم الأصول (قاعدة الجمع بين المطلق والمقيد ، وذلك بتقييد المطلقات) يجب حمل إطلاق الروايات التي تجيز المسح على الخفين على موارد الضرورة ، مثل السفر أو في ميدان المعركة ، أو موارد أخرى مشابهة لها ، والملفت للنظر أنّ البيهقي في سننه قد خصص باباً مفصلاً حول الفترة الزمنية المجازة للمسح على الخفين ، وبيّن من خلال بعض الروايات أنّها محدّدة بثلاثة أيّام في السفر ، ويوم واحد في الحضر (١).
أليست جميع هذه الروايات دليلا واضحاً على هذه الحقيقة؟ وهي أنّ جميع الروايات التي ذكرت المسح على الخفين مختصة بحالات الضرورة ، وأمّا في الحالات العادية فلا معنى لعدم خلع الخفين وعدم مسح الرجلين.
وأمّا ما يقوله البعض : إنّ ذلك لأجل رفع العسر والحرج عن الأمّة ، فكلام غير مقبول ؛ لأنّ نزع الخفين العاديين لا يحتاج إلى جهد.
ثانياً : في حالة الانتياه للروايات المتعددة المنقولة في المصادر المعروفة لأهل البيت عليهمالسلام وأهل السنّة ، يقول الإمام علي عليهالسلام : بأنّ هذا المسح كان قبل نزول الآية السادسة من سورة المائدة المتعلقة بالوضوء ، فإذا كان جائزاً ، فالجواز حاصل قبل نزول آية الوضوء ، وأمّا بعد نزولها فلم يكن المسح على الخفين جائزاً أيضاً ، حتى في الحروب والأسفار ؛ لأنّه في حالة تعسر نزع الخفين يكون البديل هو التيمم ، لأنّ الأمر بالتيمم جاء في ذيل الآية بشكل عام.
__________________
(١). السنن الكبرى ، ج ١ ، ص ٢٧٥ و ٢٧٦.