وعلى هذا فالوسيلة هي بمعنى التقرب وما يتقرب به إلى الغير أيضاً ، فالوسيلة لها مفهوم واسع جدّاً.
وأمّا بالنسبة للقرآن فقد استعمل مصطلح الوسيلة في آيتين :
الأولى : في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١) ، فهذه الآية تخاطب جميع المؤمنين ، وفيها ثلاثة أوامر :
الأوّل : الأمر بالتقوى.
الثاني : الأمر باختيار الوسيلة ، التي تقربنا إلى الله سبحانه.
الثالث : الأمر بالجهاد في سبيل الله.
ونتيجة اجتماع هذه الصفات الثلاثة (التقوى ، التوسل ، الجهاد) يتحقق ما ذكر في ذيل الآية : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.)
الثانية : في الآية السابعة والخمسين من سورة الإسراء ، ولفهم هذه الآية نستعرض الآية التي سبقتها وهي : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) (٢) وبالالتفات إلى جملة (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ) يتضح أنّ المقصود في الآية ليست هي الأصنام وغيرها ـ لأنّ (الذين) هم أصحاب العقول ـ بل إنّ المقصود بها هم الملائكة التي كانت تُعبد من دون الله ، أو النبي عيسى عليهالسلام الذي كان يُعبد من قبل بعض المجموعات من دون الله ، فالآية تصرّح بأنّ ما تدعون من الملائكة أو المسيح لا يستطيعون دفع الضرّ عنكم ولا يحلّون مشاكلكم.
__________________
(١). سورة المائدة ، الآية ٣٥.
(٢). سورة الإسراء ، الآية ٥٦.