والملفت للنظر ، أنّ الآية تقول : إنّ نجاة التابعين مشروطة باقتدائهم بالصحابة في الأعمال الحسنة لا السيئة ، ومفهومها أنّ الجنّة مضمونة للصحابة ، فهل يفهم من هذا الكلام أنّهم أحرار في ارتكابهم للمعصية؟
فهل يمكن للنبي صلىاللهعليهوآله الذي جاء لهداية الناس وإصلاحهم أن يستثني أصحابه فيما يرتكبون من معاص!! في الوقت الذي يخاطب فيه القرآن نساء النبي صلىاللهعليهوآله ـ اللاتي يعتبرن من أكثر الصحابة قرابة له : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (١).
والأمر المهم في الموضوع : إنّ أي إبهام في هذه الآية ترفعه الآية : التاسعة والعشرون من سورة الفتح التي تتعرض لوصف أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله الحقيقيين حيث تقول : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ....)
فهل الأشخاص الذين أشعلوا نار الفتنة والحرب في صفين والجمل ضد الإمام الفعلي في ذلك الوقت ، وقتلهم لعشرات الآلاف من المسلمين مصداق للصفات السبع المذكورة في هذه الآية؟
وهل كانوا رحماء فيما بينهم؟ وهل كانت شدّتهم على الكفّار أم على المسلمين؟
وفي ذيل الآية يذكر الله سبحانه وتعالى بجملة المقصد والمقصود بشكل
__________________
(١). سورة الأحزاب ، الآية ٣٠.