ونحن نعلم بأنّ جميع العمومات لها استثناءات عادة.
ونحن نقول : ما هي هذه العدالة التي يبيّن القرآن المجيد خلافها في عدّة مواضع!! ومن هذه المواضع ما جاء في سورة آل عمران : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١) ، حيث تشير إلى الأشخاص الذين فرّوا في معركة أحد وتركوا النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله لوحده في مقابل الأعداء.
ونستفيد من خلال هذه الآية وبشكل واضح أنّه كانت هناك مجموعة قد فرّت ، وتذكر كتب التواريخ أنّ عددهم كان كبيراً ، وأنّ الشيطان قد أغواهم وغلبهم بسبب الذنوب التي ارتكبوها ، إذن الذنوب السابقة أدّت إلى الفرار من الزحف ، وهو من الذنوب الكبيرة ، مع أنّ ذيل الآية يقول : إنّ الله سبحانه وتعالى قد غفر لهم ، ولكن مغفرة الله لهم بسبب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله لا يعني كونهم عدولاً ، وأنّهم لم يرتكبوا ذنباً ، بل القرآن يصرح بأنّهم ارتكبوا ذنوباً عدّة.
وما هي هذه العدالة التي يعرف الله سبحانه وتعالى بعضهم بعنوان «فاسق» حيث يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) (٢).
والمعروف بين المفسرين أنّ الآية تتعلق بالوليد بن عُقبة ، عند ما أرسله النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ومجموعة لقبيلة بني المصطلق ؛ لأخذ الزكاة ، فعاد وقال : إنّهم امتنعوا عن دفع الزكاة وارتدوا عن الإسلام ، قسم من المسلمين اقتنعوا
__________________
(١). سورة آل عمران ، الآية ١٥٥.
(٢). سورة الحجرات ، الآية ٦.