والثاني : ذكره «ابن كثير» و «الطبري» في ذيل تفسيرهما للآية : إنّه كانت هناك قطيفة (١) حمراء ثمينة قد فقدت في غزوة بدر ، فقام بعض الجهّال باتهام النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بالخيانة ، ولم تمض فترة حتى عثر عليها ، وتبيّن أنّ أحد أفراد الجيش قد أخذها.
فهل نسبة هذه الأمور جميعها إلى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله تتوافق مع العدالة؟
فإذا جعلنا وجداننا قاضياً فهل يقبل أن يكون هؤلاء الأشخاص عدولاً وطاهرين ، بحيث لا يحق لأحد أن ينتقد أعمالهم؟
ونحن لا ننكر أنّ أكثر أصحاب وأتباع النبي صلىاللهعليهوآله كانوا أحراراً وطاهرين ، ولكن أن نعطي حكماً كلياً بأنّ جميعهم قد طهّروا بماء التقوى والعدالة ، وأنّه ليس لأحد الحق في التعرض لأعمالهم بأي نقد ، فهذا في الحقيقة مدعاة للحيرة بشكل فاضح.
ما هي هذه العدالة؟ التي تجيز لبعض الأفراد الذين يعدونه من صحابة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله في الظاهر كمعاوية بأنّه يجيز لنفسه سبّ ولعن الصحابة العظام كعلي عليهالسلام ، ويأمر جميع الناس بالقيام بهذا العمل في البلدان وبلا استثناء؟ ولا بدّ من الانتباه لهذين الحديثين :
١. نقرأ في صحيح مسلم وهو من أكثر الكتب اعتباراً عند أهل السنّة : «عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلن أسبّه ، لئن تكون لي واحدة منهن أحب
__________________
(١). قطيفة : قطعة قماش.