٣. أن دعواه ركوب أصحابه سفينة حبّ آل محمّد سيأتي تفشي سنّة العداء والنصب لآل محمّد فيهم ، وجعلهم حبّ آل محمّد علامة للضعف والجرح ، وأنّهم مقيمون على الجفاء والهجر لعترة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واقرأ التاريخ من يوم وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وحدوث السقيفة إلى يومنا هذا فانظر من الذي وصل العترة رحم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) (١)؟! ومن الذي قطع الصلة بالعترة (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)(٢)؟!
ثالثا (٣) : قد حكى القرطبي في تفسيره عن قوم القول بنسخ الآية بقوله تعالى : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) (٤) وبقوله تعالى : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) (٥) ، لكي يلحق الله تعالى نبيّه بإخوانه من الأنبياء ، حيث قالوا : (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) (٦) ، ثمّ حكى تقبيح هذا القول عن الثعلبي (٧).
أقول : إنّ قوله تعالى : (ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) يعزز آية المودّة ولا يصادم مفادها ، بل هو شارح للأجر في آية المودّة وأنّ منفعته ونفعه عائد للمكلّفين والمسلمين أنفسهم لا إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فليس سنّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم التي أمره الله تعالى بها في آية المودّة مخالفة لسنن الأنبياء من قبل من عدم طلب الأجر على أدائهم وتبليغهم للدّين والنبوّة.
إذ المودّة في القربى التي سألها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم منهم ليس أجرا عائدا نفعه له بل نفعه ينتفع به هم أنفسهم ، وهذا ممّا ينادي أنّ مودّة القربى هي منشأ هداية لهذه الأمّة ، وهذا ما يوضحه أيضا قوله تعالى : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ
__________________
(١). الرعد / ٢١.
(٢). البقرة / ٢٧.
(٣). تقدّم «أو لا» فى صفحة ١٧٦ و «ثانيا» فى صفحة ١٧٧.
(٤). سبأ / ٤٧.
(٥). ص / ٨٦.
(٦). الشعراء / ١٠٩.
(٧). تفسير القرطبي ١٦ / ٢٢.