الخدشة في أدلة المسألة عند العامّة
ويشهد للوضع ـ لجملة هذه الأحاديث ـ أنّه لو قدّر صدورها فكيف لم يحتجّ بها أصحاب بيعة السقيفة على عليّ عليهالسلام وجماعته الّذين امتنعوا من البيعة؟! كما لم يحتجّ بها عبد الرحمن بن عوف على عليّ عليهالسلام يوم الشورى عند ما أبى عليّ عليهالسلام من اتّباع سيرة الشيخين ، وأبى مشارطة عبد الرحمن ابن عوف على ذلك؟! وأحسب أنّ سبب وقوع التفتازاني وأمثاله في مثل هذه التوجيهات المتدافعة ، إمّا إلى إبهام تباين معاني الحجّية لديهم وعدم تفرقتهم بين الإمامة في الدين كعهد من الله ورسوله ، وبين حجّية فتوى المجتهد ، وبين حجّية إخبار الراوي ..
ويومئ إلى هذا الاحتمال ذهابهم إلى اجتهاد الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم في الدين والحكم ـ مع أنّه سيأتي بطلان هذه المزعمة بشهادة الآيات القرآنية ـ ، فإنّه ـ كما سيتّضح ـ يؤول إلى نقص في معرفة حقيقة النبوّة والرسالة ؛ وإمّا إلى تورّطهم في شباك مثل هذه الأحاديث الآحاد في قبال الشواهد التاريخية القطعية والأحاديث المتواترة الأخرى ، مضافا إلى الدأب على الجري على معتقد الآباء!
والمهم : التنبيه على عدم تلاؤم تعليلاتهم المختلفة لحجّية قول الشيخين ، أو الثلاثة ، ولا تفسيراتهم ، لمخالفاتهم لأوامر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، سواء في حياته أو بعدها ، إذ كونهما ذوا امتيازات للإمامة العهدية الإلهيّة ، لا يلتئم مع تعليلهم أنّهما مجتهدان بحسب ما توصّل إليه ، وأنّ لهما التأوّل في خطابات القرآن والسنّة ، وأنّ فعلهما وقولهما حجّة لأنّه يكشف عن اطّلاعهم على قول أو فعل للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم نطّلع عليه ولم يصل إلينا.
ثمّ إنّه كيف يجمعون بين مسألة حجّية قول الصحابة وفعلهم ، وبين مسألة حرمة التفتيش عن أحوال الصحابة والفتن التي وقعت بينهم والمقاتلة وترك الخوض فيها؟! فإنّ هذه الحرمة وهذا المنع يتدافع مع الحجّية من جهات عديدة ، ويتناقض ويتقاطع معها بأيّ