يبقى منّا أحد إلّا ذكر فيها ..
وكذلك سمّيت : «المبعثرة» ؛ لأنّها تبعثر عن أسرار المنافقين ..
وسمّيت : «البحوث» ؛ لأنّها تذكر المنافقين وتبحث عن سرائرهم ..
و «المدمدمة» ، أي : المهلكة ..
و «الحافرة» ؛ لأنّها حفرت عن قلوب المنافقين ..
و «المثيرة» ؛ لأنّها أثارت مخازيهم وقبائحهم ..
و «العذاب» ؛ روى عاصم بن زر بن حبيش ، عن حذيفة ، قال : يسمّونها سورة التوبة وهي سورة العذاب (١).
فترى أن سورة التوبة (البراءة) مليئة بالإشارة إلى أقسام المذمومين ممّن كان في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بظاهر الإسلام ، وأبرز ما فيها الكشف عن أفضع عملية حاول جماعة منهم ارتكابها ، وهي الفتك بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والجدير بالانتباه أنّ هذه السورة من أواخر السور نزولا ؛ فهي نزلت قبيل عام الفتح وعند غزوة تبوك ، وقد صوّرت ـ بتفصيل ـ الأجواء التي كان يعيشها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنسبة إلى من حوله.
حذيفة وأمير المؤمنين عليّ عليهالسلام أعلم الناس بالمنافقين
فقد ورد هذا المضمون في الحديث النبوي الشريف (٢) ، وكذلك في عدّة روايات قد مرّت في ما سبق ، وهو بروز الصحابي حذيفة بن اليمان في علمه ومعرفته بالمنافقين ، والظاهر أنّ هذه الواقعة ـ وهي محاولة اغتيال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ هي مربض الفرس ، والحادثة العظمى التي أطلعت حذيفة على رءوس شبكة النفاق ، ومن المهمّ أن نتتبّع خيوط وتفاصيل الحادثة ؛ لترتسم لنا منظومة هذه الشبكة والمجموعة ، وهل هي من دائرة
__________________
(١). مجمع البيان ـ للطبرسي ـ ٥ / ٣ ـ ٤.
(٢). تفسير البرهان ٢ / ٨١٢ سورة التوبة (براءة) ط الحديثة ـ قم ، وكذا في مصادر العامّة.