تدبير الإمام عليّ عليهالسلام
في ظفر المسلمين في الفتوحات
هناك نصوص تاريخية عديدة تبيّن تدبير عليّ عليهالسلام في المنعطفات الخطيرة التي عصفت بالمسلمين ودولتهم وجيوشهم ، وكاد نظام المسلمين أن يتقوّض لو لا حنكته وبصيرته في تدبير الأمور العامّة ، وإعزاز الإسلام ، ونصر الدين ، ورتقه ، ولو لا ذلك أيضا لتشتّت أوضاع المسلمين ؛ بسبب استخلاف أبي بكر ونبذ أصحاب السقيفة عهد الله ورسوله في الإمامة ، ممّا دعا سائر القبائل للتمرّد والريبة في الدين ، واضطرار أبي بكر وعمر وعثمان وبقية الصحابة لاستشارته عند اضطراب الأمر عليهم في تدبير الأحوال الخطيرة.
ثمّ إنّ عمدة ما حصل من الفتوحات ، وطرد الروم والقضاء على ملك كسرى كان ببركة إشرافه وتسديده ومشورته ، بل في بعض الموارد صدرت منه المعجزات لإنقاذ الموقف ؛ لحكمة إلهية ، وزيادة في الامتحان لهذه الأمّة ، مع ما مر من ضعف الثلاثة في مراس التدبير ، لا سيّما وأنّ الدولة الإسلامية تعيش حالة استنفار عسكري ، أي ما يصطلح عليه حاليا : «دولة حرب» ، وهم أبعد ما يكونون وزنا عن التأثير في معادلة القوى في الحروب ، كما مرّ.
ومن ثمّ قال عليهالسلام ـ في ما مرّ من رواية ابن أبي الحديد ـ : «... ثمّ نسبت ـ أي قريش ـ تلك الفتوح إلى آراء ولاتها وحسن تدبير الأمراء القائمين بها ، فتأكّد عند الناس نباهة قوم وخمول آخرين ، فكنّا نحن ممّن خمل ذكره ، وخبت ناره ، وانقطع صوته وصيته حتّى أكل الدهر علينا وشرب ، ومضت السنون والأحقاب بما فيها ، ومات كثير ممّن يعرف ـ أي فضائله ومناقبه وركنيته بعد الرسول في بنيان الدين وانتظام الإسلام ـ ونشأ