اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) (١) ، مضافا إلى ما استفاض بل تواتر من السنّة النبويّة في حبّ علي والعترة عليهمالسلام ، فمن كان قائما من الصحابة بهذه الفريضة مراعيا لها كان على حدّ العدالة ، ومن كان تاركا لها ناقضا لهذا الميثاق فهو خارج عن حدّ العدالة فضلا عن نصب العداوة للعترة. الذي هو بمثابة الجحود.
وسنرى أنّ من أهل سنّة الجماعة قد عكس العيار عندهم وجعلوا النصب والعداوة سنّة يدينون بها. ولنتعرض للمعيار القرآني والنبوي أوّلا ، ثم نتبعه بتركهم له ثانيا.
المقام الأوّل
المعيار القرآني والنبويّ لفريضة المودّة
فأمّا الآية الشريفة فقبل التعرّض إلى إطار مفادها نذكر :
أوّلا : مورد نزولها هو أنّ الأنصار والمهاجرين اجتمعوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالوا :
يا رسول الله أنّ لك مئونة في نفقتك ومن يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها مأجورا ، اعط منها ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج فأنزل الله عزوجل عليه الروح الأمين ، فقال : يا محمّد قل : (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٢) يعني : أن تودّوا قرابتي من بعدي فخرجوا ، فقال المنافقون : ما حمل رسول الله على ترك ما عرضنا عليه إلّا ليحثّنا على قرابته من بعده ، إن هو إلّا شيء افتراه في مجلسه ، فكان ذلك من قولهم عظيما ، فأنزل الله عزوجل : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٣) فبعث إليهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : هل من حدث؟ فقالوا : أي والله قال بعضنا
__________________
(١). الشورى / ٢٢ و ٢٣.
(٢). الشورى / ٢٣.
(٣). الأحقاف / ٨.