نوره إلى نفوس البشرية ، فكانت الكيفيّتان سدودا اقترنت بالفتوحات. فهنا محطّات لا بدّ من الوقوف عندها ؛ كي يستوفى الإمعان والتدبّر في تحليل هذه الحقبة وما عليه المسلمون حاليا من أوضاع.
المحطّة الأولى
أسباب وعوامل الظفر في الفتوحات
فإنّ جمهرة من محقّقي الأديان والتاريخ قد عزوها إلى أمور :
الأوّل : انجذاب أهل البلدان إلى مبادئ الدين الإسلامي العالية
فالعدل والقسط الذي نادى به القرآن الكريم والنبيّ العظيم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمساواة بين البشر ، وكرامة الإنسان ، والكمالات الروحية والنفسية من المعرفة والعلم ، التي يسعى الدين لإيصال الإنسان إليها ، وتأمين الحياة الأخروية الخالدة ؛ ممّا يستحسنه الإنسان ويميل إليه بفطرته.
لا سيّما وأنّ أهداف الجهاد قد حدّدها الخالق جلّ وعلا ، بقوله تعالى : (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً* الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) (١).
فأهداف الجهاد والقتال من أجلها هي رسالات الله تعالى وما تسعى لتحقيقه ، من إقامة العدل في الأرض ، ورفع الظلم عن الناس ، واستتباب الأمن بإقامة حكم الله تعالى ، لا القتال من أجل السيطرة الاستعلائية لتلبية الغرائز الشهوية للحاكم من العلوّ
__________________
(١). النساء / ٧٥ ـ ٧٦.