خلّدت أسماء نجوم الشهادة ، فلم تكن هناك تعبئة من القيادة السياسية أو العسكرية للجهاد بقدر ما كانت محاولة تدبير للحالة الاندفاعية الموجودة والحماس الملتهب.
سبب إخفاق الفتوح عن الوصول إلى الوعود الإلهيّة
إنّ المحاولة في التدبير هي التي أضفت لونا على الجهاد والفتوح ، وغيّرت من خلق وغايات هذا الباب ، وساهمت في تقليل حيوية عوامله ومعدّاته ، على نحو تدريجي ، بسبب الممارسات التي ارتكبت ، سواء بالإضافة إلى البلدان المفتوحة وأهاليها ، أو بالإضافة إلى الرموز الخاصّة من القيادات العسكرية وغيرها ، ممّن كانت تربطه بالسلطة علائق معينة ، وسواء على صعيد المال أو الأعراض أو النفوس ..
مضافا إلى إنّ الانفتاح على الأقوام الأخرى كان يتطلّب كفالة شرعية من مختلف الجوانب الروحية والعلمية والتربوية والقانونية والسياسية ، وغيرها من الجوانب التي لم تكن القيادة المركزية مؤهّلة لتلك المهمّة في ظلّ التحديد والحصار لدور الإمام عليّ عليهالسلام ، حامل علم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والقيّم الثاني المبيّن للدين ، والوزير لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في تأسيس الدعوة وتشييدها حتّى آخر لحظات حياة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ..
بسبب كلّ هذا لم يكتب للوعد الإلهي في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (١) ، الذي تكرّر في ثلاث سور ـ وغيره من الوعود الإلهيّة ، كقوله تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (٢) ، ووعده تعالى في قوله : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) (٣) ، وقوله سبحانه : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) (٤) ـ التحقّق في العاجل.
__________________
(١). التوبة / ٣٢ ، والفتح / ٢٨ ، والصفّ / ٩.
(٢). الأنبياء / ١٠٥.
(٣). القصص / ٥.
(٤). النمل / ٦٢.