الأحاديث النافية للمسألة
ثمّ إنّه يكفي الباحث نظرة في كتاب الفتن من الصحاح لديهم ، كي يصل إلى هذه النتيجة من لزوم التمحيص والفحص عن الطرف المحقّ ـ في الصحابة ـ من الطرف المبطل.
* فقد روى البخاري في الباب الأوّل من كتاب الفتن ، عن أبي وائل ، قال : قال عبد الله : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعنّ معي رجال منكم ، ثمّ ليختلجنّ دوني ، فأقول : يا ربّ! أصحابي؟! فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (١). فهذا دالّ على إحداث من بعض الصحابة بعده ، وظاهر الحديث أنّ هؤلاء الصحابة ممّن كانوا قد استمعوا خطبة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لاستعماله كاف الخطاب.
* وروى البخاري عن سهل بن سعد ، أنّه قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إني فرطكم على الحوض ، من مرّ عليّ شرب ، ومن شرب منه لم يظمأ أبدا ، ليردنّ عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثمّ يحال بيني وبينهم». وزاد أبو سعيد الخدري : «فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك! فأقول : سحقا سحقا لمن غيّر بعدي» (٢).
وهذا الحديث ـ أيضا ـ دالّ على تبديل بعض الصحابة بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وظاهر الحديث هو كون صحبة هؤلاء الصحابة ـ المعنيّين بالحديث ـ كانت وثيقة بهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومعرفته وطيدة بهم ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أعرفهم ويعرفوني».
أقول : كيف تلتئم هذه الأحاديث مع ما يزعمونه من حديث «أصحابي كالنجوم ، بأيّهم اقتديتم اهتديتم»؟! إلّا أن يكون في الحديث سقط أسقط!!
* ويروي في الباب الثاني عن عبد الله ، قال : قال لنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّكم سترون
__________________
(١). صحيح البخاري ٨ / ٢١٤ ح ١٥٧ ، وانظر : فتح الباري ١١ / ٥٦٦ ح ٦٥٧٦.
(٢). صحيح البخاري ٨ / ٢١٦ ح ١٦٤ ، وانظر : فتح الباري ١١ / ٥٦٧ ح ٦٥٨٣.